المبادرات التطوعية .. بعض الإنعاش في عدن

2020-12-27

عدن: بسام القاضي:

“العمل التطوعي الإنساني يشعرك بمعنى أنك إنسان تعيش لحظة صفاء مع إنسانيتك, تسعى لتساعد من قست عليهم الظروف, وقد تكون واحدًا منهم ذات يوم”, بهذه الكلمات تصف الناشطة المجتمعية صفاء صالح معنى القيام بممارسة أي عمل تطوعي إنساني لخدمة المجتمع في مدينة عدن جنوبي اليمن.

تضيف في معرض حديثها لـ” صوت إنسان”: “في ظل الأزمة التي تعيشها بلادنا واتساع فئة المحتاجين للمساعدة, مهما قدمنا للمستهدفين من عون، تتبقي هناك شريحة كبيرة بحاجة للمزيد”.

(أنا إنسان)

ضمن المؤسسات والمنظمات المحلية الموجودة في مدينة عدن, مؤسسة “أنا إنسان” التنموية تديرها هناء أحمد, التي أوضحت أن مؤسستها دربت “ما يقارب 1700 امرأة في مجال الخياطة وصناعة وتزين الكيك والبخور والكوافير ونقش الحنا وغيرها”, مضيفة لـ”صوت إنسان” أن المؤسسة سعت عبر دعم المغتربين والشراكة مع المجتمع المدني إلى تقديم المساعدات المادية والعينية والغذائية للأسر التي تعاني وضعًا معيشيًا مترديًا جراء استمرار الأزمات الاقتصادية الناجمة عن النزاع المستمر للعام السادس على التوالي.

في الجانب التنموي, تردف “نمتلك مشغل خياطة مجهز بمكائن صناعية ما أهلنا إلى تدريب 386 امرأة في مجال الخياطة، كما تمتلك المؤسسة معملًا لإعداد الكيك درّب من خلاله 1300 امرأة في هذا المجال”.

تضيف “أقمنا دورات عديدة في تدريب النساء على صناعة البخور والكوافير ونقش الحناء, وحرصت المؤسسة على مشاريع التمكين الاقتصادي من خلال توزيع آلات ومعدات لفتح مشاريع للمرأة بعد عملية التدريب والمشاركة في البازارات أو إقامة بازار للنساء بعد عملية التدريب والتمكين للانطلاق لسوق العمل”.

واقعًا ملموسًا

عصام وادي, وهو مدير عام الجمعيات في مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بعدن, أوضح من جهته أن حجم العمل التطوعي والإنساني كبير وملموس واقعيًا، خصوصًا أثناء الأزمات الإنسانية والصحية التي شهدتها المدينة منتصف العام 2020 “فقد كان للمبادرات التطوعية والإنسانية والمجتمعية في عدن حضورها الفاعل منذ اللحظات الأولى في التواجد الميداني، لإنقاذ الناس والتخفيف عن معاناتهم، وتقديم العون والمساعدة الإنسانية للسكان المتضررين”.

أضاف لـ”صوت إنسان”: “نشهد الكثير من المبادرات المحلية التطوعية والإنسانية التي قدمت الكثير للناس في عدن، ونشيد بدورها وحضورها الفاعل الذي يسبق حضور المنظمات الدولية والدولة ذاتها”، موضحًا أن ما تقوم به هذه المبادرات “من أعمال تطوعية كان لها الأثر الكبير في التخفيف من معاناة المواطنين وتقديم العون الإغاثي والإنساني للمتضررين والفئات الفقيرة والمعدمة في عدن، إلى جانب مساهمتها في حلحلة كثير من المشاكل المجتمعية التي شهدتها مديريات عدن خلال الأشهر الماضية”.

من فوائدها منع الاحتكار

ويعتبر الدكتور فضل الربيعي أستاذ علم الاجتماع بجامعة عدن أن العمل التطوعي والإنساني عمل إيجابي مثمر وهو أحد مصادر الخير في المجتمعات التي تعكس الوئام والانسجام والتفاعل الطيب ذو الحاجة الإيجابية في العلاقات الاجتماعية والتكافلية داخل المجتمع في عدن أو غيرها.

وزاد لـ”صوت إنسان”: “كثير من المبادرات التطوعية ساعدت في تخفيف الكثير من الأعباء على الناس، ومن أهميتها منع احتكار بعض المؤسسات والقطاع الخاص الساعين للربح على حساب معاناة الناس والمجتمع المتضرر, خصوصًا وقت الأزمات الإنسانية والصحية والكوارث الطبيعية”.

بحسب الربيعي, أبرز الصعوبات التي تواجهها المبادرات التطوعية والأعمال الإنسانية هي ضعف الوعي المجتمعي بأهمية العمل التطوعي، وغياب التحفيز للمتطوعين، والثناء على أدوراهم الإنسانية في خدمة المجتمع، إلى غياب الإمكانيات المادية والتشاركية وعدم وجود مؤسسات موحدة لتنظيم وتنسيق تلك الأعمال والمبادرات التطوعية والتنموية والإنسانية, حد تعبيره.

معوقات

إلى ذلك, يرى الناشط المجتمعي المهندس نصر عبدالكريم, مبتكر تطبيق “وريد بنك الدم” في اليمن, أن من أهم المعوقات “ضعف التمويل وصعبة الحصول عليه خصوصًا للمشاريع الريادية غير الاعتيادية، كأن تكون فكرة جديدة أو مبادرة جديدة فيكون هناك تخوف منها أو الوقوف معها مما يجعل المانحين الاتجاه نحو المشاريع والمبادرات المكررة ذات الطابع القديم”.

يشير عبدالكريم لـ”صوت إنسان” إلى أن غياب ثقافة العمل التطوعي والإنساني في إطار الأسرة والجامعة والمجتمع ككل، وغياب العمل التطوعي والإنساني المؤسسي والمستدام، وتعاون الجهات المعنية والتنسيق والشراكة بين المبادرات التطوعية هي كذلك تحديات قد تعيق تفعيل العمل التطوعي بالشكل المطلوب لخدمة القضايا الإنسانية والمجتمعية دون مقابل أو تسيس يذكر.

الدور الأكبر

“في فترة الأزمات الإنسانية والصحية التي شهدتها عدن عام 2020, نشطت الكثير من المبادرات التطوعية في التخفيف من معاناة المواطنين وتقديم العون الإغاثي والإنساني للمتضررين والفئات الفقيرة والمعدمة في مجالات مختلفة ومتعددة منها الصحة والنظافة والإغاثة والتوعية وغيرها الكثير”، يقول الناشط التنموي ماهر عبدالنور.

يؤكد في تصريح لـ”صوت إنسان”: “هذه المبادرات التطوعية والأعمال الإنسانية ساهمت في تنمية المجتمعات الفقيرة والمعدمة في عدن وكان لها الدور الأكبر في التخفيف من معاناة المواطنين وتقديم العون الإغاثي والإنساني لهم”, مضيفًا أن “وجوها فاعل ومؤثر ومساهم في تطوير واستقرار المجتمع في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة والأزمات التي تمر بها البلاد”.

تقليديًا

تعود هناء أحمد للحديث عن أبرز الصعوبات “مجال التدريب المهني ما زال تقليديًا”، مضيفة “لدينا مشاريع طموحة في مؤسسة (أنا إنسان) التنموية لكن لم نجد الدعم لهذه المشاريع، ومن الصعوبات الأخرى عدم وجود تنسيق وتكامل بين منظمات المجتمع المدني”.

*بالتزامن مع "صوت إنسان"