"روبيمار".. الكارثة تتفاقم في البحر الأحمر

2024-03-04

 الصحافة الإنسانية (hjf) - بسام القاضي*

كشفت تقارير رسمية بأن احتواء ذوبان الأسمدة في مياه البحر الأحمر جراء تسربها من السفينة الغارقة "روبيمار" بالقرب من جزيرة حنيش بعيد تعرضها للقصف على يد جماعة الحوثي المصنفة أمريكيًا على لائحة الإرهاب، منتصف فبراير/شباط الماضي يشكل تحديا كبيرا للجهات الرسمية في الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا.

الكارثة البيئية، الناجمة عن غرق السفينة "روبيمار" لا يقتصر خطرها على اليمن فقط، بل سيشمل الدول المشاطئة للبحر الاحمر.

 "روبيمار" المحملة بشحنة أسمدة خطرة، (IMDG 5.1) (Ammonium Phosphate-Sulfate NPS) تقدر بـ22 ألف طن قابلة للذوبان بسرعة عند ملامستها المياه، في ظل سُمّيّتها العالية، إذ يشكل غرقها كارثة كبيرة لموقع الانسكابات وتدفق السماد للبحر مما قد يؤدي إلى تلوث واسع النطاق قد تصل آثاره إلى البر، كما يؤدي إلى تلوث في الأسماك، وهو ما يهدد الثروة الوطنية ويضر بالاقتصاد القومي بالإضافة إلى ما قد يتعرض له القطاع السمكي من خسائر فادحة.

التقارير التي أعدها ميدانيا فريق من الخبراء في الهيئة العامة لحماية البيئة (حصل معد التقرير على نسخ منها)، أكدت بأنه لا يمكن التخلص من الكارثة دون تدخل عاجل من الأمم المتحدة، كون اليمن لا تستطيع التعامل مع هكذا كوارث بحرية خطيرة.

ووفقًا للتقارير الرسمية ذاتها فإن التخلص من كارثة غرق "روبيمار" في البحر الأحمر يستدعي وجود فريق إنقاذ دولي عالي الكفاءة والتدريب والخبرة، يقرر كيفية التعامل مع السفينة ويختار أفضل الخيارات للتخفيف من تداعيات الكارثة البيئية والبحرية التي تهدد اليمن.

وكان وزير المياه والبيئة المهندس توفيق الشرجبي قد جدد التأكيد على خطورة الوضع الحالي للسفينة الغارقة، داعياً كافة الجهات الدولية إلى التدخل العاجل للمساعدة في إيجاد حلول لإنقاد "روبيمار" والبيئة اليمنية من كارثة بيئية، وذلك خلال لقاء موسع عقد بالأمس عبر تقنية الاتصال المرئي، ضم ممثلي البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والمنظمة البحرية الدولية (IMO)، ومركز الطوارئ البيئية في الغردقة (امريسجا)، وعدد من ممثلي المنظمات الدولية والخبراء الدوليين والمختصين في مجال السفن الغارقة ومكافحة الانسكابات النفطية في البحار.

مناشدات للأمم المتحدة بالتدخل

وفي بيان مشترك ناشدت منظمات المجتمع المدني في اليمن الأمم المتحدة ومبعوثها الدولي، هانس غروندبرغ، وكل المنظمات الدولية المعنية بشؤون المناخ والبيئة والمجتمع الدولي برمته إلى سرعة التدخل الحاسم لإنقاذ اليمن من كارثة بحرية خطيرة تهدد حياة ملايين اليمنيين في سواحل البحر الأحمر وخليج عدن عقب إعلان الحكومة الشرعية أمس السبت غرق السفينة "روبيمار"؛ بعيد أسبوعين من تعرضها للقصف على يد جماعة الحوثي المصنفة أمريكيًا على لائحة الإرهاب.

 

كما لوحظ عقب استهداف السفينة "روبيمار" ظهور بقعة نفط يتجاوز طولها 18 ميلًا بحريًا، وسيكون لتسرب النفط والزيوت بعد غرقها آثار مدمرة على كل البيئات والموائل الطبيعية في البحر الأحمر، مما سيؤدي إلى تدمير الشعاب المرجانية أهم مورد عالمي، كما تعتبر واحدة من أهم النظم البيئية في العالم ولا زالت مزدهرة على طول 4 آلاف كيلو متر في سواحل البحر الأحمر وحول الجزر المطلة عليه. وفقًا للبيان ذاته.

وأشارت أن غرق "روبيمار" يشكل قنبلة موقوته تهدد بقطع مصدر دخل مئات الآلاف من مجتمع الصيادين اليمنيين، بالنظر لخطورة المواد التي تحملها من أسمدة خطرة، Ammonium Phosphate-Sulfate NPS (IMDG 5.1) تقدر بـ22 ألف طن قابلة للذوبان بسرعة عند ملامستها المياه، في ظل سُمّيّتها العالية.

وأوضحت بأن غرق "روبيمار" المحملة بعشرات الآلاف أطنان من الاسمدة الخطرة سيزيد مخاطر التلوث واسع النطاق قد تصل آثاره إلى البر، ويشكل تهديدًا للثروة الوطنية والاقتصاد القومي في تدمير البيئة الطبيعية الساحلية بما في ذلك القطاع السمكي والشعاب المرجانية والمنجروف والأحياء البحرية في المنطقة.

المنظمات اليمنية، أكدت في بيانها الصادر أمس الأحد 3 مارس/آذار 2024، أن الكارثة قد تطال الأمن الإنساني، المائي والغذائي لملايين اليمنيين الذين يعيشون أزمة إنسانية هي الأسوأ عالميًا منذ سنوات، ما يقتضي سرعة التدخل الأممي والدولي لاحتواء تداعيات الكارثة المرتقبة التي ستحول سواحل اليمن إلى صحراء خالية من أي حياة.

روبيمار تفاقم الوضع الإنساني

وقال الدكتور عبدالقادر الخراز أستاذ تقييم الأثر البيئي في جامعة الحديدة بأن مخاطر تسريبات الأسمدة والمواد الكيماوية الخطرة من السفينة "روبيمار" كارثية، مؤكدًا أن آثارها لن تبقي على المجتمعات الساحلية فقط، بل ستنتقل إلى عموم المجتمعات داخل اليمن ممن يتناولون الكائنات البحرية بمختلف أنواعها، حيث ستكون بعض هذه الكائنات حاملة لهذه السموم، وهذا يشكل خطر كبير على المجتمع بشكل عام.

وتعد السفينة بحسب الدكتور الخراز منتهية الصلاحية إذ يزيد عمرها عن أكثر من 25 سنة، وبذلك تكون اقتربت من إنتهاء عمرها الافتراضي وهو 30 عاما ولكونها سفينة نقل بضائع فهي بذلك تحمل أسمدة خطرة ومواد نفطية بالمخالفة لوظيفتها الأساسية.

وأوضح الخراز الذي شغل سابقا منصب رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن أن حمولة الباخرة تبلغ 41 الف طن ، وما أعلن عنه 20 الف طن من الأسمدة الكيميائية الخطرة ولم توضح تقارير "خلية الأزمة" نوعية باقي النصف الآخر من حمولة الباخرة حد قاله.

وأكد أن الباخرة مختصة بنقل البضائع مثل الحبوب، فكيف تم تحميلها بمواد كيميائية خطرة وأيضًا تعتبر سائبة أي غير معبئة بأكياس ، وهذا يؤكد أن هناك تفاهمات بين مليشيا الحوثي ومافيات دولية لدفن نفايات خطرة عن طريق ما يدعوه بضرب السفن العابرة.

وذهب الخراز إلى القول بأن الشركة التابعة للباخرة الغارقة "روبيمار" عنوانها في لبنان بيروت، مذكرا بانفجار مرفئ بيروت والأسمدة الكيمائية التي كانت السبب، مضيفًا يؤكد ذلك أن اللعبة لدفن النفايات الخطرة والا كيف تحصل مليشيات الحوثيين على المعلومات وبكم سيحسب لهذه المليشيا طن الإغراق للنفايات الخطرة حد تعبيره ذلك.

إلى ذلك أكد مسؤول محلي في الهيئة العامة للشؤون البحرية - عدن (رفض ذكر إسمه) كان أحد أعضاء الفريق الحكومي المكلف بالنزول الميداني لتقييم وضع الغارقة "روبيمار" الحالي بأن السفينة قد غرقت فعليا في الأول من مارس/آذار ووضعها صعب للغاية، كما أن قطرها قد يشكل مغامرة غير محسوبة العواقب، وهناك مخاطر كارثية عالية.

وتم استهداف السفينة الغارقة "روبيمار" مساء الاثنين 19 فبراير/شباط الماضي بصاروخين حوثيين وموقعها حاليًا على بعد حوالي 35 ميلًا بحريًا من ميناء المخا في البحر الأحمر، وانجرفت بسبب الرياح الشمالية الشديدة حوالي 7 ميلًا بحريًا باتجاه الشمال عن موقعها خلال الاسبوع الفائت.

الكارثة تتفاقم والجميع يتجاهل

وفي وقت سابق قالت وزارة المياه والبيئة في الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، بأن "روبيمار" قد غرقت وتشكل خطر كبير للبيئة البحرية، وبأنها قامت وتقوم بالاتصال بالجهات الدولية المعنية لطلب المساعدة والاستجابة لمواجهة هذه الكارثة المتوقع..

 "لازالت الجهود تبذل مع المنظمات لعمل تقييم سريع للحالة ومعالجتها، خاصة برنامج الأمم المتحدة للبيئة والهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن" وفقًا للوزير الشرجبي، لكنه لم يتم رصد أي فعل يذكر على الواقع.

وحتى لحظة إعلان الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا بالأمس غرق "روبيمار" وبعد أسبوعين من استهدافها بصاروخ حوثي لم يحدث أي تحرك فعلي على الأرض، لتلافي الكارثة لا من قبل الأمم المتحدة، المبعوث الأممي ولا حتى من "خلية الأزمة" للتعامل مع السفينة الغارقة غير التحذيرات عبر وسائل الإعلام.

"خلية الأزمة" التي شكلتها الحكومة الشرعية للتعامل مع "روبيمار"، لم تقوم في أداء مهمتها كما ينبغي، اذ شابهها قصور كبير، حيث أن جميع تحركات الهيئة العامة لحماية البيئة وكذلك الهيئة العامة للشؤون البحرية ، عبارة عن تقارير نظرية وليس لها أي تحرك عملي، حتى أنهم عند نزولهم الميداني لم يوضحوا أين راحت البقعة الملوثة؟ كم هو حجمها؟ وما هي المواد التي تكونت منها؟.

الفريق الميداني المشكل من قبل "خلية الأزمة" أيضًا لم يقوم أثناء نزوله لتقييم وضع "روبيمار" بأخذ عينات من البقعة الملوثة، ولا من الأسمدة الخطرة أو المواد النفطية الأخرى من حمولة السفينة، ولم يقوم كذلك بتحديد نوعيتها ولا بأخذ عينة من الكائنات البحرية التي تقطن بالقرب من السفينة لفحصها وتحديد نوعية السموم التي تسربت للبحر وتأثيراتها على الاحياء البحرية، ولم يكون لها أي تحرك فاعل وسريع على الأرض ولا أي ضغط أخر يذكر.

كذلك المجتمع الدولي وبرامج الأمم المتحدة في اليمن، وخلال أسبوعين من وقوع الكارثة، لم يكن لهما أي تجاوب فعلي، رغم خطورة الوضع، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات.

 

آثار اقتصادية واجتماعية

في الوقت الذي تعاني فيه اليمن من أزمات اقتصادية خانقة نتيجة لانقلاب الحوثيين على السلطة ، ارتفعت نسبة البطالة في اليمن إلى 65 %، وتجاوزت نسبة الفقر 80 %. يأتي هذا التلوث الكيميائي والنفطي للسفينة "روبيمار" ليفاقم الوضع للأسوأ.

 وتؤثر تسريبات الأسمدة والمواد الكيماوية الخطرة على أكثر من 78 ألف صياد في تهامة اليمنية وسوف يؤثر ذلك على سبل العيش للسكان كون مهنة الصيد هي المهنة الرئيسية.

 ووفقًا لتقارير الخبراء في حماية البيئة فإنه من الصعب التوقع كم سنوات لتعود الأمور الى طبيعتها والمبالغ التي ستتطلب لإعادة تأهيل البيئة البحرية.

تعد الثروة السمكية غذاء اساسي في المناطق الساحلية اذ قد تتأثر هذه المجتمعات تحديداً تلك التي تعتمد على الصيد المحلي وتربية الأحياء البحرية فسوف تعاني عندما تواجهها مشكلة التلوث ولا تستطيع ممارسة الصيد كمصدر للغذاء والدخل.

كما يؤدي تلوث المناطق الساحلية والبحرية للشريط التهامي الى تهجير السكان والتفكك الاجتماعي نتيجة فقدان الناس مصادر رزقهم المعتمد على البحر وموارده، إذ تؤثر الانسكابات النفطية أيضًا بشكل كبير على اقتصاد المناطق الحضرية المحيطة بموقع الانسكاب النفطي.

التأثير على مياه التحلية والأراضي الرطبة

أن الانسكابات النفطية وتسرب الأسمدة والمواد الخطرة من السفينة "روبيمار" يؤدي إلى تغير في نوعية مياه البحر، وسوف يكن له تأثير تدميري كبير لصناعة التحلية والتي تعد صناعة ناشئة في تلك المناطق مما سيهدد امدادات المياه للسكان ويؤدي الى الصراع الاجتماعي على المياه.

أيضًا قد يؤدي حجم التلوث البحري إلى اختفاء اغلب الأراضي الرطبة المتصلة بالسواحل والتي قد تتصحر بهذا التلوث الكيميائي وهذا بدورة سيؤثر على التنوع الحيوي للأراضي الرطبة وسوف يلوث مخزونات مياه الشرب المتصلة بالسواحل.

وتعد مشكلة التلوث بالأسمدة وبقع النفط ومخلفاته من أصعب المشاكل التي تواجه القائمين على معامل التقطير والتحلية لمياه البحر على سبيل المثال التحلية في المخا وباب المندب وذلك نظراً لإمكانية تأثيرها على جودة المياه المنتجة للشرب والتي قد تسبب تسمم للناس.

كما يتسبب استهداف السفن في ضرب الاقتصاد اليمني وعرقلة امدادات الغذاء للموانئ اليمنية ويعزز من ارتفاع معدلات الفقر حيث قد يتسبب التلوث بالأسمدة و النفط في شل النشاط التجاري بأنواعه مما يؤثر سلباً على اقتصاد المنطقة، فضلاً على أن التلوث بالأسمدة و بقع النفط سوف يؤثر وبشكل سلبي على النواحي الجمالية للشواطئ.

مخاطر تسرب الأسمدة الكيماوية

تشير تقارير الخبراء والمختصين في حماية البيئة البحرية بإن الأسمدة التي تحملها السفينة "روبيمار" تعد مواد وبضائع خطيرة للغاية كونها مواد كيماوية سامة وقابلة للاشتعال (وفقًا للبوليصة الخاصة بالشحنة).

وفقًا للهيئة الحكومية المختصة بحماية البيئة فإن تسرب الأسمدة الكيمائية الخطرة يمكن أن تحدث دمار واسع للبيئة البحرية اليمنية بالإضافة إلى التسريبات النفطية الحاصلة قد تحدث دمارا واسعا كما هو متوقع في حال تركت الأمور دون تدخل سريع ومباشر.

 وتؤدي حوادث التلوث الكيميائي والانسكابات النفطية إلى البحر إلى نقص كبير في كمية ونوعية المواد الغذائية التي ينتجها البحر والتي تساهم بدرجة كبيرة في غذاء الإنسان، إلى جانب انخفاض إنتاجية المصائد السمكية.

كما أن التلوث الكيميائي يؤدي أيضًا إلى حدوث نفوق واسع بين الأسماك السطحية نتيجة التسمم من الأسمدة المذابة والنفط الخام الثقيل في حين بيض ويرقات العديد من الأسماك طافية على سطح البحر أو تقطن الطبقات العليا منه فإنها تكون معرضة لتأثير بالتلوث وستعاني من حالات النفوق الكبيرة.

  الأحياء البحرية في خطر

الهائمات تتغذى عليها الحيوانات البحرية بصورة مباشرة أو غير مباشرة ووجود تراكيز كبيرة للأسمدة في المياه الصالحة سيزيد من كمياتها وبالتالي تنخفض تراكيز الاكسجين مما يؤدي إلى اختناق ونفوق الأسماك.

إلى ذلك تعاني الرخويات (كالمحار) من حالات نفوق هائلة عند حدوث حالات تسرب للنفط ووصوله إلى منطقة الساحل وأن تراكيز النفط المؤثرة جداً على عملية الإخصاب وبالتالي فان سمية الأسمدة ستودي الى فناء الرخويات.

كما تعتبر الطيور من أكثر المجاميع البحرية تأثراً بالتلوث النفطي وغيرها من التلوث وكالمعتاد سيؤدي إلى انقراض أنواع عديدة منها.

 قد تحدث حالات من النفوق للأحياء البحرية أثناء فترة تشكيل بقعة زيت بصورة خاصة الحيوانات الفقرية التي تتنفس الهواء كالأفاعي والسلاحف والدلافين وقد وجد أن الكثير منها يصعد إلى الشاطئ لتموت هناك بعد إصابتها بضيق في التنفس وبالتهابات جلدية ونزف داخلي وفي حال ارتفاع مستويات الأسمدة ستتضاعف المشكلة.

بالإضافة إلى ذلك يمكن للحيوانات البحرية الصغيرة، وخاصة السلاحف البحرية أن تخطئ في تناول الزيت المسكوب على أنه طعام ويمكن أن يكون تناولها ضارًا جدًا أو مميتا كما يُرجح أن تسرب النفط سوف يضر بالطيور والسلاحف البحرية والدلافين والحيتان.

ادانات دولية واسعة

وادانت بريطانيا وامريكا الأسبوع الماضي استهداف الحوثيون للسفينة "روبيمار" التي باتت اليوم تشكل تهديدا خطيرا للبيئة البحرية اليمنية ودول البحر الأحمر.

ولاقت هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر ادانات دولية واسعة أهمها قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2722، المعتمد في 10 يناير/ كانون الثاني 2024م، وفيه صوتت أغلبية الدول الأعضاء على قرار يطالب الحوثيون بالتوقف عن مهاجمة سفن الشحن المارة في البحر الأحمر.

وفي أوقات سابقة أدان أعضاء مجلس الأمن الدولي بأشد العبارات الهجمات الأخيرة التي قام بها الحوثيون على السفن التجارية في البحر الأحمر، وتعريض الملاحة الدولية للخطر، لكن الأمم المتحدة ومجلس الأمن لم يقوما حتى الآن بأدراج الحوثيون ضمن قائمة الجماعات الارهابية بقرار رسمي رغم فضاعه جرائمهم.

وكانت القيادة المركزية الأميركية قد حذرت الأسبوع الماضي من كارثة بيئية تتفاقم، جراء تسرب المياه إلى سفينة الشحن "روبيمار" التي كانت تنقل عند تعرضها للهجوم من قبل المتمردون الحوثيون، أكثر من 41 ألف طن من الأسمدة، القابلة للاحتراق، دون أي تحرك على الأرض.

54 سفينة استهدفها الحوثيين

والخميس الماضي قال عبدالملك الحوثي زعيم الحوثيون بأن جماعته وبما أسماها "العمليات المساندة للشعب الفلسطيني في غزة" استهدفت 54 سفينة في البحر الأحمر، وهذا رقم مهم وكبير" وذلك وفقًا لما نشرته وكالة سبوتنيك الروسية.

وبدأت أمريكا وبريطانيا، في 12 يناير/ كانون الثاني الماضي، تنفيذ هجوم واسع على مواقع "الجماعة الحوثية" في مدن يمنية عدة، ردًا على هجمات قواتهم في البحرين الأحمر والعربي.

وفي وقت سابق، قالت شركة "بلو فليت غروب" المشغلة للسفينة إنه تم إجلاء طاقمها إلى جيبوتي بعدما أصاب صاروخ جانب السفينة، ما تسبب في تسرب المياه إلى غرفة المحرك وانحناء مؤخرها. ووفقًا للرئيس التنفيذي لـ"بلو فليت" روي خوري لفرانس برس أن صاروخاً ثانياً أصاب سطح السفينة دون التسبب في أضرار جسيمة.

وألحق الهجوم على "روبيمار" بحسب مونت كارلو أكبر ضرر حتى الآن بسفينة تجارية منذ بدأ الحوثيون في 19 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي مهاجمة سفن في البحرين الأحمر والعربي يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها، تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة.

ودفعت هجمات الحوثيين بعض شركات الشحن إلى تجنّب المرور في البحر الأحمر الذي تمرّ عبره 12% من التجارة البحرية العالمية، لتلتف حول جنوب أإفريقيا.

توصيات هامة للجميع

يوصي معد التحقيق، الأمم المتحدة إلى دعم تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (2722) الذي يدين هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، والتدخل العاجل لمنع وقوع كارثة بيئية ناجمة عن غرق السفينة، وتصنيف مليشيا الحوثي جماعة إرهابية من قبل الأمم المتحدة ومجلس الأمن .

كما يوصي الحكومة اليمنية على التعاون مع الأمم المتحدة والأطراف الأخرى ذات الصلة لحماية البيئة البحرية. كما يتوجب على الحكومة أن تستعين بالكوادر اليمنية المختصة والمهنية والوطنية للعمل على مواجهة هذه الكارثة.

معد التحقيق يوصي الحوثيين، بإيقاف الهجمات على السفن المدنية والتجارية في البحر الأحمر، واحترام القانون الدولي والحقوق والحريات الملاحية، أيضًا على الحوثيون أن يحترموا حق اليمنيين في الحفاظ على صحتهم ومواردهم الطبيعية البحرية وأن لا يساهموا في التعمد بالضرر لهذا الشعب فيكفيه ما فيه.

يوصي معد التحقيق المجتمع الدولي بالعمل بشكل وثيق مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والأطراف الأخرى ذات الصلة لتقييم الوضع وتقديم المساعدة الفنية والمالية فورا. وأيضًا التدخل الحاسم لإنقاذ اليمن من كارثة بحرية خطيرة تتهدده جراء غرق السفينة "روبيمار".

يذكر أن السفينة الغارقة "روبيمار" المملوكة لبريطانيا، ويتم تشغيلها من قبل شركة لبنانية. قد ابحرت من ميناء الخير على البحر العربي في المملكة العربية السعودية وتوقفت في ميناء خورفكان بدولة الإمارات المتحدة العربية لتزود بالوقود والخدمات الأخرى قبل أن تتعرض للهجوم من قبل المتمردين الحوثيين مساء الاثنين 19 فبراير/شباط الماضي.

*بسام القاضي

صحفي علمي متخصص في تغطية قضايا المناخ، البيئة والصحة

إنتج هذا التحقيق بدعم وإشراف مؤسسة الصحافة الإنسانية(hjf) ضمن حملة #اليمن_خطر_المناخ