كورونا تفاقم أوضاع عاملات النظافة اللاجئات في فنادق اليمن

2021-06-27

تقرير/ بسام القاضي:
"أصبت بحالة نفسية نتيجة فقدان عملي لأشهر، بسب تفشي فيروس كورونا، وعلى الرغم مما نتعرض له من ظلم واستغلال، والعمل من دون عقود توظيف رسمية، وبأجور مجحفة جدًا، وفوق ذلك للأسف لم أسلم من التحرش الجنسي، والنظرة الدونية لي من أرباب العمل، والتي زادت مع انتشار كورونا" تقول الثلاثينية فاطمة ناصر إثيوبية الجنسية، تعمل في أحد فنادق مدينة المنصورة بمحافظة عدن الساحلية جنوبي اليمن.
تغيب فاطمة برهة من الوقت خلف ستارة الغرفة التي تعمل فيها، لتعود وهي تمسح دموعها للقول: "للأسف حقوقنا تنتهك، ولا أحد بإمكانه أن ينتصر لنا نحن اللاجئات الإثيوبيات والصوماليات من عاملات نظافة في الفنادق والبيوت وغيرها، أننا نعاني الظلم بمرارة" لتنهي بهذه الكلمات سرد معاناتها وهي تجهش بالبكاء".
تشكو جميع عاملات النظافة الإثيوبيات والصوماليات في فنادق عدن ممن قابلهم معد التقرير، من توقفهن عن العمل لأشهر أثناء جائحة كورونا التي اجتاحت المدينة في النصف الأول من العام الماضي، ولم تسلم لهن رواتبهن أو أي مساعدة مالية تذكر من أرباب العمل، الأمر الذي زاد من معاناتهن، ومنهن من أصبن بحالات نفسية، وأخريات اضطرنا للتسول والأكل من القمامة من أجل البقاء على قيد الحياة أحياء كما يفيدن بذلك.
زهور ذو الـ 23 ربيعًا التي تبين تجاعيد وجهها المنهك بأن عمرها ضعف ما ذكرت، هي الأخرى لاجئة صومالية تعمل في أحد فنادق خور مكسر وسط عدن تشكو من المضايقات من النزلاء والعمال وتعرضهن للتحرش اللفظي، وأنهن يعملن لساعات طويلة من دون عقود عمل موقعة، ولا يتم منحهن إجازات لو مرضن أو واجهن ظرف ما، مطالبة بحماية وصيانة حقوق اللاجئات العاملات في اليمن بما يحفظ كرامتهن وإنسانيتهن، توافقها في ذلك قريبتها عهود العاملة في أحد فنادق الشيخ عثمان غرب العاصمة عدن.
ولم تفاقم الأزمة الإنسانية والصحية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وحدها من معاناة اللاجئين واليمنيين على حد سواء، بل إن تفشي جائحة كورونا زادت من تدهورها، كما أن استمرار الحرب للعام السابع على التوالي قد خلف مشاكل كثيرة، وزاد من تنامي ظاهرة التحرش الجنسي والتمييز العنصري ضد اللاجئين الأفارقة، ولم يسلم المهمشين ولا النازحين المحليين أنفسهم من ذلك وفق إفادات الكثيرون ممن تم مقابلتهم في المخيمات، وبعض أماكن تجمعات اللاجئين في منطقة البساتين شمال مدينة عدن الجنوبية.
الكثير ممن تم اللقاء بهن في أكثر من فندق ومدينة تحفظن عن ذكر أسمائهن والحديث عبر الإعلام، لكنهن أكدن تأثير جائحة كورونا على أوضاعهن، وتعرضهن للاستغلال والتحرش الجنسي، والعنف اللفظي والجسدي، والانتهاك لحقوقهن كعاملات نظافة، من دون عقود عمل ولا أجور عادلة، ولم تسلم رواتبهن أثناء توقف عمل الفنادق عند انتشار كورونا، والأمر زاد أكثر عن حده مع استمرار انتشار الوباء، وإطالة أمد الحرب في البلاد، حد قولهن ذلك.
ولا توجد إحصائيات عن عدد العاملات اللاجئات الإثيوبيات والصوماليات في فنادق عدن خاصة واليمن عامة، كما أنه لا توجد مكاتب محاماة واستشارات قانونية، لديها إحصائيات عن عقود عمل وقعها أرباب الفنادق مع المذكورات، وحتى مكاتب التنسيق لعودة اللاجئين، وخدمات الحماية القانونية للاجئات التي تقدمها المنظمات الدولية وشركائها المحليين، لا توجد لديهم إحصائيات بحسب موظفي تلك المنظمات ممن استطاع الوصول إليهم معد التقرير.
تستند الاتفاقية المتعلقة بوضع اللاجئين إلى المادة (14) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتقر حق اللجوء وحماية اللاجئين. وأكدت اليمن انضمامها للاتفاقية والبروتوكول ومن خلال “الانضمام” تقبل الدولة عرض أو فرصة أن تصبح طرفًا في المعاهدة، التي تم التفاوض عليها أو توقيعها سابقًا من قِبل الدول الأخرى، ولها نفس الأثر القانوني للمصادقة.
وإلى ذلك يشير المحامي والمستشار القانوني زاهر الجنيد بأن اللاجئ في اليمن مثله مثل اليمني، يتمتع بحماية القانون، وأن المادة السادسة من الدستور اليمني تنص على: “تؤكد اليمن على العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جامعة الدولة العربية وجميع المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعرف بها بصورة عامة".
اتفاقية فينا 1951م لحماية حقوق اللاجئين، والمصادق عليها من قبل اليمن تضمنت حق الحماية القانونية للعاملات كلاجئات من أي استغلال أو تمييز أو تحرش أو ظلم بما فيه العمل من دون عقود توظيف وبأجور غير عادلة، والقانون اليمني هو الذي كفل الحماية للاجئين بشكل عام، أما الاتفاقية الدولية فهي أوجبت على اللاجئ احترام قوانين بلد الملجأ، يقول الجنيد.
الجنيد الذي عمل مستشارًا قانونيًا لدى المجلس الدنماركي للاجئين، والعديد من المنظمات الدولية يؤكد: " يتمتع جميع اللاجئين في اليمن بالحماية القانونية بموجب نصوص القوانين التي أعطت لهم حق التقاضي أمام المحاكم اليمنية، مثل قانون المرافعات وقانون الإجراءات الجزائية مثلهم مثل المواطن. فيحق لهم رفع الدعاوي المدنية، وتقديم الشكاوى للنيابة العامة لتتولى رفع الدعوى الجزائية، مؤكدًا أن جميع اللاجئات يخضعن لأحكام القانون اليمني، ولكن الجهل بالقانون لا يجعلهن يسلكن الطريق القانوني لحماية أنفسهن.
تسبب وباء كوفيد19 بتفاقم معاناة مئات اللاجئات الإثيوبيات والصوماليات من عاملات النظافة في فنادق اليمن، وزادت أكثر من تدهور أوضاعهن الإنسانية، وتعرضهن للتحرش والاستغلال، وفقدان أعمالهن عند اشتداد انتشار الفيروس التاجي في البلاد بموجته الأولى والثانية، خلال مطلع ومنتصف العامين الماضي والحالي.
معد التقرير قام بتنفيذ مسح ميداني مصغر نفذه على عينة من عاملات النظافة الإثيوبيات والصوماليات في فنادق عدن، وتجاوز عدد المشمولات منه 50 عاملة في 4 مديريات هي المنصورة، خور مكسر، الشيخ عثمان، دار سعد، وجميعهن أكدن بعدم توقيعهن عقود عمل مع ملاك الفنادق العاملات فيه، وهذا ما يسهل استغلال أرباب العمل لحقوق العاملات، ويعد انتهاك لحقوق الإنسان بعقود عمل واضحة، وبأجور عادلة كما ينص على ذلك القانون.
ويشكل طالبو اللجوء من إثيوبيا والصومال غالبية اللاجئين، وملتمسي اللجوء الذين تستضيفهم اليمن والذين يبلغ عددهم 276,000 لاجئ، والذين لا يزال معظمهم يعيشون في أوضاع محفوفة بالمخاطر، بحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن
.
وبات ملايين اليمنيين بحاجة ماسّة للدعم، مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، وآثار تفشّي وباء كورونا، حيث تقف البلاد مجدّدًا على حافة المجاعة، إذ يحتاج أكثر من 80 % من السكان إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية بينهم ما يقارب 4 مليون نازح يمني، وفقًا للمنظمة الأممية ذاتها.
ولا تزال اليمن تحتل موقع الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم.
(أنتج هذا التقرير بدعم من JHR / JDH
صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا)