اليمن.. معاقون بلا رعاية يواجهون الإقصاء وعدم المساواة
2021-06-28
عدن: بسام القاضي
"لقد فاقم وباء فيروس كورونا من معاناتنا للأسوأ، وتوقفت رواتب الضمان الاجتماعي التي نستلمها، من صندوق الرعاية الاجتماعية كل ثلاثة أشهر فقط، وهذا أثر كثيرا في توفير احتياجاتنا اليومية، خاصةً أن المبلغ الذي نتقاضاه قليل جدا، ولا يفي لشراء الدواء مقارنة بالوضع المعيشي الذي نقاسيه"، تقول أمل القباطي مديرة صندوق الرعاية الاجتماعية بمديرية الشيخ عثمان بالعاصمة عدن.
أمل التي تعرضت لحادث سير تسبب لها بإعاقة دائمة، لم يقدم لها الصندوق كامل الرعاية الصحية والدعم الاجتماعي، كما يكفل لها ذلك القانون اليمني، والسبب، كما تقول، أن الميزانية التشغيلية لصندوق الرعاية الاجتماعية متوقفة منذ حرب مارس 2015 حتى يومنا هذا، وزادت كورونا بمضاعفة المعاناة، على حد تعبيرها.
ويمثل ذوو الإعاقة ما نسبته 15 بالمائة من إجمالي عدد السكان الكلي في اليمن، الذين يصل عددهم إلى 4.5 مليون معاق، وفقا لتقديرات "منظمة الصحة العالمية"، ولا إحصائيات دقيقة، حتى اللحظة، لدى الجهات المعنية في الحكومة الشرعية.
أثر تفشي فيروس كورونا بشدة على ذوي الإعاقة في اليمن، في ظل الحرب التي تشهدها البلاد للعام السابع على التوالي، الأمر الذي أصاب مؤسسات الرعاية الصحية العامة والضمان الاجتماعي بالشلل التام، واستغلال تجار الحروب لهذه الأزمات، وتقاعسهم في تأدية مهامهم بمسؤولية تجاه رعاية الأشخاص من ذوي الإعاقة، وضمان حماية حقوقهم المشروعة.
وتوقفت مؤسسات الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية وصناديق ذوي الإعاقة عن العمل لفترات متفاوتة خلال العامين الماضي والحالي، بسبب وباء كوفيد 19، الأمر الذي فاقم من المعاناة الإنسانية لأسر المعاقين، لتدفع الظروف بعضا منهم للتسول أو طلب الصدقات من الجمعيات الخيرية؛ لعجزهم عن توفير الاحتياجات الأساسية وغيرها من المتطلبات الأخرى.
"أدت الأحداث الأخيرة إلى إغلاق 300 منظمة كانت قبل ذلك تقدم خدمات الأخصائيين إلى الأشخاص ذوي الإعاقة، إذ يحتاج بعض ذوي الإعاقة إلى علاج طبي متواصل، وقد أُوقف توفيره. "حسب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
تعود أمل للحديث بالقول: "الأهم من ذلك، هناك ذوو إعاقة متخرجون من الجامعة، يحتاجون إلى وظائف في الدولة لمواجهة مصروفاتهم، ولكن للأسف، نسبة 5 ٪ المحدودة التي حددها القانون اليمني لقبول توظيف ذوي الإعاقة لم تفعل، ولا بد من تفعيل هذه النسبة كحق مشروع للمعاقين"، مشيرة: "هناك فئات عمرية من ذوي الإعاقة، وكل فئة تختلف احتياجاتها عن الأخرى، ولكننا متفقين على أنهم بحاجة لرعاية مستمرة واهتمام كبير من الدولة، لإدماجهم في الحياة مع الآخرين من الأصحاء.
تقول أمل القباطي: "ورغم أن مساعدات الضمان الاجتماعي تصرف حاليا عبر اليونيسيف، وهناك زيادة 55 ٪ فوق المبلغ الأصلي للمستفيدين من المعاقين لمواجهة وباء كورونا، لكن هذه الزيادة لا تفي باحتياجات ذوي الإعاقة".
وتنص المادة (3): من القانون رقم (61) لسنة 1999م بشأن رعاية وتأهيل المعاقين على: "يتمتع كل شخص معاق بممارسة كافة الحقوق التي يكفلها الدستور والقوانين النافذة الأخرى"، بينما المادة (4) من القانون نفسه تنص على أنه "لكل معاق حق التأهيل بدون مقابل والاستفادة من برنامج التأهيل المهني والرعاية الاجتماعية التي تقدمها مؤسسات ومراكز دور الرعاية وتأهيل المعاقين"، لكن لا تطبق بعدالة كما يفيد ذوو الإعاقة ممن تحدثوا لمعد التقرير عن مظالمهم، ويتهمون وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وإدارة صندوق ذوي الإعاقة بالفساد والاستئثار بحقوقهم .
ويعد ذوو الإعاقة من أكثر الفئات تعرضا للإقصاء وعدم المساواة والعنف، وتحملوا كثيرا من المعاناة والظلم خلال 7 سنوات من النزاع المسلح، وسط غمار الأزمة المتفاقمة مع تفشي فيروس كورونا، التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم .
في مارس من العام الجاري، نفذ العشرات من ذوي الاحتياجات الخاصة في عدن، وقفة احتجاجية إزاء حرمانهم حقوقهم المسلوبة وحقهم في التوظيف، وأفاد المحتجون في حديثهم حينها لـ «الأيام» بأن المشكلة قائمة منذ عشرين عاما، وهناك سوء إدارة بمركز الاحتياجات الخاصة بالمنصورة، وجمعية ذوي الاحتياجات الخاصة، ورفع المشاركون لافتات كتب عليها "أعطونا حقوقنا ولا للمتاجرة بحقوق المعاقين"، "قلع الفاسدين مطلب أساسي لذوي الإعاقة".
وطالب المعاقون في عدن وزير الشؤون الاجتماعية والعمل د. محمد الزعوري بتشكيل لجنة فيما يخص الفساد الموجود من قبل إدارة المركز، والعبث بمقدرات وأصول المركز، مؤكدين عدم توفر أبسط حقوقهم المشروعة، وأبرزها "حق التوظيف الذي كفلة القانون، وهو 5 % بالتوظيف"، رغم العقود التي يحملونها، لافتين إلى جلب إدارة مركز الأطراف الصناعية أناسا آخرين لشغل الوظائف الخاصة بهم، بينما المعاق الحقيقي الذي أنشئ المركز لتأهيله مرمي على قارعة الطريق.
وظل الأشخاص ذوو الإعاقة يواجهون الإقصاء وعدم المساواة والعنف، الناشئة، إلى حد كبير، عن الفشل الممنهج للسلطات اليمنية والمنظمات الإنسانية والدول المانحة في ضمان حقوقهم وتلبية احتياجاتهم، وفقا للتقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية لعام 2020.
وحسب التقرير ذاته، أدى النزاع إلى زيادة إفقار الأشخاص ذوي الإعاقة، ونتج عنه فقدانهم التام لدعم الضمان الاجتماعي المحدود الذي كانوا قد حصلوا عليه فيما مضى. فضلا على أن الأشخاص ذوي الإعاقة لم يتمكنوا من الوصول إلى المعلومات المتعلقة بمنع فيروس كوفيد-19 والوقاية منه.
واتهمت المنظمة حين نشر التقرير الجهات الدولية المانحة بالتقاعس في التصدي للوضع الإنساني لذوي الإعاقة باليمن. إذ لم يتم جمع بيانات محددة، خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة لتحديد حجم المشكلة.
ومنذ بدء النزاع في اليمن عام 2015 فقد الآلاف أطرافهم، إذ تفيد التقارير، في واقع الأمر، أن عدد الأشخاص المصابين بإعاقة قد بلغ 6,000 شخص، أغلبهم بسبب انفجار أو لغم أو طلقة نارية. ومن المحزن أن هذه الإصابات أصبحت شائعة بصفة متزايدة في أوقات الحرب. ووفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر.
ولا إحصائيات حديثة عن عدد ذوي الإعاقة في اليمن، ورفض مسؤولون في الرعاية الاجتماعية، وصندوق ذوي الإعاقة، ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الاستجابة لمعد التقرير، وتحججوا بأن قاعدة البيانات لديهم لمسح عام 2008، التي لم تقبل ذكرها، لكنهم أكدوا على استمرار المسح وتحديث البيانات التي ستعلن خلال الشهر القادم. مصادر خاصة، في الوزارة ذاتها، أكدت أن عدد المسجلين في عدن وفق قاعدة بيانات مسح 2021 يزيد على 9 الآلاف معاق.
ويُعتبر اليمن من الدول الأطراف في "اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة"، ولديه قوانين تهدف إلى حماية الأشخاص ذوي الإعاقة، البالغ عددهم أربعة ملايين ونصف المليون نسمة، أي قرابة 15 بالمئة من عدد السكان، وفقا لتقديرات "منظمة الصحة العالمية".
(أنتج هذا التقرير بدعم من JDH / JHR صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا).