منتسبو الضمان الاجتماعي في اليمن.. منسيون في زمن كورونا

2021-07-12

 عدن: "Hjf" 
"يعتمد ما يقارب ثلث سكان اليمن، أي حوالي 10 مليون شخص على الضمان الاجتماعي المحدود، الذي يقدم لهم عبر صندوق الرعاية الاجتماعية، إلا أن استمرار الحرب وتفشي وباء كورونا قد تسببا في تعليق أعمال الصندوق وحرمان المستفيدين من حقوقهم المالية المشروعة لأشهر عديدة، دون مراعاة لمعاناتهم وللظروف الإنسانية الصعبة التي يمرون بها كأكثر الفئات تضررًا في اليمن".
ويشكو مستفيدو صندوق الرعاية الاجتماعية ممن تحدثوا لمعد التقرير عن حرمانهم من مستحقاتهم المالية المحدودة، لأشهر متتالية أثناء تفشي وباء كورونا في البلاد، دون وجه حق يذكر، مؤكدين استغلال المسؤولين لتلك الفترة الحرجة، بالقيام بعمليات فساد ومتاجرة بمبالغ الضمان الاجتماعي لخدمة مصالحهم الشخصية دون وازع من ضمير ولا إحساس بالمسؤولية، تجاه ما يتجرعوه من معاناة وحرمان وتهميش، ولما مروا ويمرون به من أوضاع إنسانية صعبة منذ اندلاع الحرب في اليمن مطلع مارس 2015 وحتى منتصف العام الجاري 2021.
"لقد فاقم وباء فيروس كورونا من معاناتنا للأسوأ، وتوقفت رواتب الضمان الاجتماعي التي نستلمها، من الصندوق كل ثلاثة أشهر فقط، وهذا أثر كثيرًا في توفير احتياجاتنا اليومية، خاصةً أن المبلغ الذي نتقاضاه قليل جدًا، ولا يفي لشراء الدواء، مقارنة بالوضع المعيشي الذي نقاسيه"، وفق ما قالته لـ" الأيام" أمل القباطي مديرة صندوق الرعاية الاجتماعية بمديرية الشيخ عثمان بالعاصمة عدن.
يؤكد ما ذهبت إليه أمل القباطي مسؤول محلي آخر في صندوق الرعاية الاجتماعية بعدن "تحفظ عن ذكر اسمه" قائلًا بأن رواتب مستفيدي صندوق الرعاية الاجتماعية لعدة أشهر، تعرضت للقرصنة خلال جائحة كورونا، وما قبلها من مسؤولين سابقين في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بحكومة الشرعية، وهو ما أكدته إفادات آخرين من مستفيدي الضمان الاجتماعي، مشيرين بأن الصندوق يتعرض للنهب والتدمير من القائمين عليه للأسف.
وخلال لقاء مشترك بين وزير الشؤون الاجتماعية والعمل في حكومة المناصفة اليمنية المعترف بها دوليًا، الدكتور محمد الزعوري، ومديرة برنامج التحويلات النقدية في منظمة اليونيسيف بعدن، أعلن في مطلع الشهر الفائت بأن عدد المستفيدين من مشروع الحوالات النقدية الطارئة، الذي تنفذه اليونيسيف منذ أغسطس 2017م، والمقيدة لدى صندوق الرعاية الاجتماعية، في دورته العاشرة بلغ 1,5 مليون حالة، والتي تؤثر إجمالًا على 9 ملايين نسمة.
دون اكتراث لـ "شكاوي المستفيدين" من فساد ممنهج لصندوق الضمان الاجتماعي بدأت مؤخرًا عمليات صرف التحويلات النقدية لمستحقي الضمان الاجتماعي في اليمن، المرحلة العاشرة، والمقدمة من منظمة اليونيسيف، والتي تضمنت صرف التحويلات النقدية لـ 10 ملايين مستفيد في 22 محافظة و331 مديرية، بمبلغ إجمالي يبلغ 35 مليار ريال؛ بعد أن كان في المرحلة التاسعة التي تم صرفها مطلع يناير الماضي 34 مليار و100 مليون ريال مع زيادة 50 % لكل مستفيد، عبر بنكي الأمل للتمويل الأصغر وبنك الكريمي للتمويل الأصغر، وذلك بعد إيقاف صرفها لأكثر من مرة من قبل مليشيا الحوثيين.
"تسبب اندلاع الحرب في اليمن في قيام صندوق الرعاية الاجتماعية بتعليق أعماله – وهو البرنامج الوطني الرائد في توفير الحماية الاجتماعية لحوالي 1,5 مليون حالة مستفيدة من خلال حوالات نقدية ربع سنوية غير مشروطة – وبالتالي إلغاء مساعدات حيوية كانت تقدم للفقراء والفئات الأكثر هشاشة، وقد ازداد تدهور حال هذه الأسر مع استمرار مواجهة اقتصاد البلاد لانكماش حاد، بسبب الأزمة المالية والاقتصادية، وتناقص السيولة النقدية" تشير تقارير منظمة اليونيسيف في اليمن.
يؤكد تقرير منظمة اليونيسيف بإن انقطاع رواتب موظفي الخدمة المدنية، والعراقيل وضعف البنى التحتية التي تعترض الإمدادات التجارية والإنسانية التي تدخل البلاد، يزيد من تعقيد الوضع الإنساني المتردي أصلًا مما يؤثر على ما تبقى من قدرة العديد من الأسر والأطفال الأكثر هشاشة على الصمود. ويتعذر إزاء ذلك على عدد متزايد من الأسر تحمل ارتفاع كلفة الخدمات والسلع الأساسية، بما في ذلك الغذاء. كما أصبحت مستويات سوء التغذية المتصاعدة تشكل تهديدًا حقيقيًا لحياة الأطفال.
وفي ظل جائحة كورونا وانعدام مصادر الدخل والارتفاع الحاد لأسعار السلع الأساسية، باتت الأسر عاجزة عن تلبية أبسط احتياجاتها الأساسية بما في ذلك الغذاء، والحصول على الرعاية الصحية والتعليم، ووفقًا لليونيسيف هناك إقرار واسع النطاق بأن الحوالات النقدية الطارئة غير المشروطة تعتبر واحدة من أكثر شبكات الضمان الاجتماعي فاعلية في أوقات النزاع. كما تعتبر نهجًا راسخًا بعمق في حقوق الإنسان.
وقالت نجلاء الصياد المدير التنفيذي لصندوق الرعاية الاجتماعية -المركز الرئيس بالعاصمة عدن- في وقت سابق لـ صحيفة "الأيام": "إن الدورة الثانية من مشروع التحويلات النقدية الإنسانية للأسر الأشد ضعفًا (المهمشين)، شملت 7128 أسرة مستهدفة في ست مديريات بعدن ستستلم مبلغ 30,000 ريال، وسيضاف مبلغ 15,000 لكل أسرة لديها معاق"، لكن المهمشين أنفسهم يشكون من الإقصاء، وعدم المساواة والتميز العنصري تجاههم، ويتم استثنائهم من تلك المساعدات الإنسانية.
وتم إنشاء مشروع الحوالات النقدية الطارئة في اليمن لمواجهة التدهور السريع للوضع الاقتصادي والظروف المعيشية للمواطنين اليمنيين، وكذلك للحفاظ على نظام الرعاية الاجتماعية في البلاد، وذلك ضمن إطار الجهود الرامية لمنع البلاد من التعرض لانهيار اقتصادي، وحماية السكان الأكثر هشاشة من الوقوع في المزيد من الفقر وفقًا لليونيسيف.
وكان مجلس إدارة صندوق الرعاية الاجتماعية قد أقر في اجتماعه منتصف الشهر المنصرم، برئاسة وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، رئيس مجلس إدارة الصندوق د. محمد سعيد الزعوري، إعادة النظر في مشروع الحوالات النقدية الطارئ وعودته للصندوق، وتحديث قاعدة البيانات لمستفيدي الصندوق من خلال القيام بمسح شامل لاستيعاب آلاف الأسر التي لا زالت محرومة، وبحاجة للرعاية الاجتماعية والذين تشكون من فساد الصندوق وحرمانهم لأشهر من الدعم المحدود، حيث ناقش الاجتماع، الذي يعد الأول له بعد سنتين من توقف أعماله، وذلك منذ نقله للعاصمة عدن في العام 2017.
في عام 2019م، شملت الحوالات النقدية غير المشروطة 1,4 مليون حالة بحسب منظمة الطفولة (يونيسيف) مما أثر إجمالًا على ما يقرب من 9 ملايين نسمة – أي حوالي ثلث سكان البلاد.
تشير تقديرات تحليل وثيقة النظرة العامة للاحتياجات الإنسانية لعام 2021 الذي أصدره الفريق القُطري الإنساني في اليمن في 22 فبراير من العام الجاري، إلى أن أكثر من 20.7 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية للعام الحالي، في حين تشير التقديرات إلى أن 12.1 مليون شخص منهم بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية.
وتعتبر اليمن من بين أفقر الدول في العالم العربي حتى قبل اندلاع القتال في أوائل 2015. فمتوسط العمر المتوقع للسكان يقل عن 64، يأتي اليمن في المرتبة 177 من أصل 189 في مؤشر التنمية البشرية 2019. وتشهد أزمة إنسانية هي الأسوأ عالميًا.
*بسام القاضي 
(أنتج هذا التقرير بدعم من JHR / JDH صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا)