"الجائحة والفساد" يسلبان طلاب أوائل وائل الجمهورية "منح الابتعاث"
2021-08-07
عدن: عماد ياسر فخرالدين:
الجائحة سلبت أوائل الجمهورية منحهم وتوقفت عند غيرهم
على أحر من الجمر كانت تنتظر أسرة الطالب "محمد" نتيجة الثانوية العامة للعام الدراسي (2018-2019)، ولتأتي بعدها التهاني والتبريكات مصحوبة بالدموع والابتهال، في حصول ابنهم الطالب "محمد سالم مبارك" من محافظة حضرموت على المرتبة الأولى في الثانوية العامة بمعدل 99,25 % على مستوى المحافظة والجمهورية.
ينتمي " محمد" لأسرة بسيطة تعتمد في تدبير شؤون حياتها على العمل الحرفي واليدوي، ولم يتمكن أن يلتحق أحد من أفراد أسرته بوظيفة حكومية، لذلك فقد سارع إلى التسجيل في منح التبادل الثقافي للعام الماضي 2021 - 2020، كحال العشرات من أوائل الثانوية العامة في الجمهورية والمحافظات، للفوز بمقاعد الابتعاث.
استعان "محمد" بأحد أقربائه ذي الخبرة في التقديم والتسجيل عبر الإنترنت، واستكمال جميع بياناته، وأعلنت نتيجة الفائزين بمنح التبادل الثقافي للعام الماضي 2021- 2020 في تاريخ 2أبريل، وكان محمد ضمن قائمة المرشحين للابتعاث إلى الخارج، قال " محمد" حينها : "وأخيرًا بعد جد واجتهاد 12 سنة وطموح وأحلام رست بنا سفينة الأحلام إلى منحة خارجية ".
أرفق محمد كل المتطلبات اللازمة من الوثائق التي أرسلتها وزارة التعليم العالي إلى الملحقات الثقافية في بلدان الابتعاث في الخارج لاستكمال إجراءات القبول والتسجيل هناك.
سافر "محمد سالم مبارك" من أوائل محافظة حضرموت وزملاؤه الأوائل من مختلف المحافظات، إلى العاصمة عدن، لتسليم نسختين ورقية وأخرى إلكترونية من ملفاتهم إلى إدارة البعثات في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وأرفق لهم الوثائق الأصل للمطابقة - صورة من جواز السفر - الضمانة التجارية - استمارة الترشيح - الفحص الطبي في آخر إجراءات قبل موعد السفر، هكذا اعتقد محمد الذي قال لنا منكسرًا: "قالوا لنا عليكم الانتظار حتى يتم إشعاركم للسفر، وإن علينا تجهيز أنفسنا للسفر بأي لحظة".
طال الانتظار
عاد" محمد" إلى حضرموت وبقية زملائه من أوائل المحافظات والجمهورية إلى محافظاتهم لتجهيز حقائبهم وهم في حالة تأهب.
"كنت وأسرتي في حالة قلق، فموعد التسجيل في الجامعات الحكومية انتهى، وأنا منتظر موعد سفري للخارج، ولم يصلنا أي إشعار من الوزارة "، يقول محمد: قرر بعض زملاء "محمد" وهم على تواصل مستمر من خلال جروب أنشأوه على تطبيق الواتساب، قرروا السفر مجددًا إلى العاصمة عدن، وقطع مسافة تزيد عن 483 كم (بين عدن وحضرموت) وتحملوا أعباء وتكاليف ليست بالقليلة، خاصة وأن أغلب أسر أوائل الجمهورية من ذوي الدخل المحدود والأدنى.
الرد الصادم
قابل "محمد" وزملاؤه من الطلاب الفائزين بمنح التبادل الثقافي للعام الماضي 2021- 2020 حسب إعلان الوزارة الصادر بموقع الوزارة الرسمي بتاريخ أبريل 2020 في مبنى ديوان وزارة التعليم العالي المسؤولين في الوزارة، والذين صدموهم بالقول: " منحكم ملغية بسبب كورونا"، لم يتحمل "محمد" وزملاؤه ثقل تلك الكلمات.
" أحد زملائي والدموع تنهار من عينيه يسألهم قائلًا " كيف تلغى منح صدرت بقرار إداري؟ ، فأجابونا :مش شغلكم" يروي محمد، ويتابع قائلًا : " ترجيناهم وكانوا كلما ترجيناهم زادوا غرورًا وقسوة في الرد".
ذهب أوائل الجمهورية إلى مكتب مدير عام البعثات للاستفسار منه فأجابهم بعلو واستكبار: لقد ضيعتم علي وقت ثمين باستفساراتكم.
ويضيف "محمد" (وهو يقسم لنا بالله): هنا الصدمة التي اجتاحت كل شيء فينا عندما ذهبنا إلى مكتب الوزير خالد الوصابي شكونا له، وكان رده أسوأ من الذي قبله، وكان رد الوزير لنا "روحوا اشتكوا للإعلام أو القضاء".
توجيهات بمنع دخول أوائل الجمهورية إلى الوزارة
نظم زملاء محمد من أوائل الجمهورية والمحافظات الفائزون بمنح التبادل الثقافي للعام الماضي 2021- 2020، العديد من الوقفات الاحتجاجية أمام مبنى الوزارة، ناشدوا فيها الجهات المسؤولة للوقوف معهم وإنصافهم، مر عام كامل ومازال الطلاب مستمرون في متابعتهم للإدارات المختصة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، إلا أن حارس مبنى الوزارة أبلغهم بصدور توجيهات من وزير التعليم العالي، ومدير عام البعثات بمنع دخول طلاب أوائل الجمهورية والمحافظات الفائزون بمنح التبادل الثقافي للعام الماضي 2021- 2020 ).
مرارة المتابعات وقساوتها كسرت ظهور الطلاب الفائزين بمنح التبادل الثقافي وأسرهم الذين أصبحوا غير قادرين على تحمل نفقات إضافية في تكاليف السكن والمواصلات من محافظاتهم إلى العاصمة عدن، يقول "محمد" كنا نذهب إلى الوزارة يوميًا من الساعة الثامنة صباحًا ونظل في الوزارة حتى الساعة الثانية ظهرًا لمقابلة الدكتور مازن الجفري وكيل الوزارة لقطاع البعثات والعلاقات الثقافية، وعند دخول الوكيل مكتبه يخبرنا مدير مكتبه أن الدخول إلى مكتب الوكيل ممنوع.
هذه المعاملة واقع نعاني منه منذ أن سجلنا في منح التبادل الثقافي في تاريخ (9-3-2020) حتى الآن.
تساءل مشروع
تساءل "محمد" في نهاية حديثه معنا: " إن كانت منحنا ألغيت جراء جائحة كورونا العام الماضي، على الرغم من معرفتنا أن الوزارة هي من تماطلت في استكمال إجراءاتنا، إذًا لماذا أعلنت عن فتح تسجيل الابتعاث في منح التبادل الثقافي هذا العام، وأعلنت عن أسماء الفائزين الجدد دون إيجاد معالجة قضية الفائزين بالمنح العام الماضي من أوائل الجمهورية والمحافظات؟".
وفي السياق ذاته أبلغنا عدد من أوائل الجمهورية أنهم قاموا بتكليف محامي للترافع أمام القضاء ضد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لاستعادة منحهم.
التعليم العالي: المنح ألغيت
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أوضحت في بيان لها "بخصوص منح العام الدراسي (٢٠٢٠ - ٢٠٢١)، أنه ونظرًا لظروف جائحة كورونا التي أثرت على جوانب عدة من مناحي الحياة على مستوى العالم، فقد قامت بعض الدول الشقيقة بإيقاف استقبال الطلاب، وإيقاف منحها الدراسية، وهذا ما تلقته الوزارة من الأشقاء في "المغرب " و" الجزائر" عبر ملحقياتنا الثقافية وسفارتينا في كلتي الدولتين".
وتابع بيان الوزارة:" لا صحة لإيقاف الوزارة لأي عملية ابتعاث، فهذا حق قانوني أصيل لكافة أبنائنا الطلاب المتفوقين".
وثائق تؤكد أن المنح لم تلغَ
خلال كتابتنا لهذه القصة الإنسانية ولقائنا بأحد الطلاب الأوائل الفائزين بمنح التبادل الثقافي للعام الماضي 2021- 2020، تحصلنا على وثائق تثبت، أن الجانب السوداني لم يلغِ منح التبادل الثقافي 2021- 2020، بل أن الملحقية الثقافية في السودان طالبت الوزارة بإرسال كشوفات الطلاب الفائزين بمنح التبادل الثقافي 2021- 2020، لاستكمال إجراءاتهم، موضحين الإجراءات المتبعة في وزارة التعليم العالي السودانية (مرفق الوثائق) .
الرأي العام يتضامن
تفاعل كثيرون مع مظلمة أوائل الجمهورية، وكتبت الناشطة الحقوقية بشرى المقطري في صفحتها على الفيسبوك: "فيما يحظى الطلاب المتفوقون بكل التشجيع والدعم من قبل سلطات بلادهم، كونهم الثروة البشرية وقادة المستقبل، يتعرض الطلاب اليمنيين الأوائل والمتفوقين في بلادنا على أقسى أشكال الظلم والتعسف، وكان آخر أشكال التعسف ما تعرض له أكثر من مائة طالب يمني، حيث تم حرمانهم من منح التبادل الثقافي للعام2020/2021، في كل من المغرب والسودان والجزائر، على الرغم من اجتيازهم للامتحانات، وتظلمهم للجهات المسؤولة، فقط لكونهم ليسوا أبناء المسؤولين".
وأضافت المقطري: " تصر وزارة التعليم العالي على خلق العقبات وحرمانهم من فرص تحقيق مستقبلهم، ومن ثم خدمة بلادهم، وعليه، فإننا نطالب الحكومة المعترف بها دوليًا، ووزير التعليم العالي، بتحمل مسؤولياتهم الوظيفية والأخلاقية تجاه ما يتعرض له الطلاب من تعسفات، وتذليل العقبات التي يواجهونها، وتوفير كل الشروط اللازمة لبدء مشوارهم العلمي في بلدان الابتعاث ".
من جانبه غرد المحلل السياسي صلاح أحمد السقلدي في تويتر بقوله" ما نسمعه من ظلم وفساد وبيع المنح الدراسية التي تقوم بها وزارة التعليم العالي، ومكاتب البعثات الثقافية بالسفارات يطال المئات من الشباب، لهو فضيحة لهؤلاء الفسدة واللصوص إن كان بقي أصلا في وجوههم قطرة حياء تهتز لشيء اسمه عيب، كما يمثل هذا الأمر عارًا وشنارًا على من يسكت على هذه الوقاحة والفجاجة من النهب والسطو الفاضح ".
وأضاف "وعلى هذا القهر الجائر الذي نال من شباب متفوقين ومن عائلاتهم المكافحة التي دفعت وتدفع من أجل مستقبل أولادها دم قلبها وكل ما تدّخر، في ظل ظروف معيشية غاية في القسوة... لقد طلعت ريحة فسادكم وبلغت الآفاق يا سفلة القوم، ويا سـقْـط المتاع ".
أنتج هذا التقرير بإشراف من مؤسسة الصحافة الإنسانية – ضمن مخرجات مشروع تدريبات الصحافة الإنسانية – يوليو 2021.