سفينة ثانية تفاقم كثافة التسربات النفطية في ميناء عدن

2022-07-28

 

 عدن "hjf" بسام القاضي:

 في الوقت الذي لازالت الانسكابات النفطية من الناقلة (أثينا - PEARL OF ATHENA) التابعة لشركة عبر البحار، يملكها تاجر النفط أحمد العيسي، تشاهد آثارها في سواحل عدن حتى لحظة نشر التحقيق، تكشف صور الأقمار الصناعية تسرب نفطي جديد، وغرق سفينة أخرى إلى جانب السفينة (Dia 1) الغارقة منذ العام الماضي، بالإضافة إلى مؤشرات ترصد بدأ غرق سفينة ثالثة.

التسرب النفطي يزداد بكثافة

كما تكشف المصادر المفتوحة لتتبع السفن الـ 12 المتهالكة عبر الأقمار الصناعية، توسع وازدياد التسرب النفطي من الباخرة أثينا ذاتها بكثافة مخيفة جدًا، إذ وصل امتداد التسرب النفطي  إلى مساحة تقرب من 15  كم أي ما يقارب 7,5 ميل بحري، كما صورت الأقمار الصناعية  وجود تسرب نفطي جديد  مصدره  السفن المتهالكة  الراسية منذ سنوات في منطقة المخطاف بميناء عدن الدولي.

إلى ذلك تشير تقديرات خبراء علوم البحار والبيئة بأن كمية التسرب النفطي من الباخرة أثينا يصل إلى 40 طنا متريا من المشتقات النفطية، مما يسبب عبئًا بيئيًا إضافيًا على النظم البيئية البحرية المحلية المتضررة بالفعل والتي لم تتعافي بعد من تسرب وغرق الناقلة ضيا1، الأمر الذي يهدد عدن بكوارث بيئية وبحرية كبيرة.

يؤكد خبراء علوم البحار والبيئة (فضلوا عدم ذكر أسمائهم) أن بقاء السفن الـ 12 المتهالكة والغارقة ودون المعايير واستخدامها كخزانات عائمة للوقود رغم عدم مأمونيتها وانتهاء عمرها الافتراضي، يشكل تهديدًا خطيرًا على البيئة والسواحل والأحياء البحرية وسكان المدينة ككل.

بداية اكتشاف خيوط الكارثة

في منتصف وآواخر الأسبوع الأول من شهر يوليو 2022 أبلغ أحد صيادي منطقة الحسوة عن حدوث تلوث نفطي في خليج التواهي على الساحل الفارسي، وبناء على ذلك البلاغ قام فريق تحقق من الهيئة العامة لحماية البيئة  للنزول  الميداني في 7 يوليو من الشهر ذاته للتحقق من الواقعة ومسح المنطقة الساحلية في اتجاه جسر البريقة غرب عدن.

يوثق التقرير حالة تلوث نفطي حدثت في منطقة ميناء عدن خلال الأيام الخمسة من شهر يوليو ذاته، مسببة انتشار الزيت على امتداد المنطقة المدية الساحل الفارسي بطول حوالي 1 كيلو متر، حيث ظهرت المادة بشكل أوضح في أعلى مستوى للبحر على الساحل، حيث صادف النزول الميداني للفريق المختص فترة انحسار البحر (حالة جزر)، مما أظهر وجود المادة الملوثة على جوانب قوارب الفيبرجلاس، وعلى المراسي وحبال المراسي الخاصة بها، كما وجدت المادة  النفطية في المنطقة المائية الضحلة المكشوفة على أكياس النايلون، ودبب الماء البلاستيكية المرمية على الشاطئ.

تقرير النزول الميداني للمختصين في الهيئة العامة لحماية البيئة يؤكد بأنه ومن خلال جمع المعلومات من صيادي المنطقة حول حادثة التلوث، تم إبلاغنا بأنها حصلت منذ حوالي 4 أيام (أي أن التسرب النفطي بدأ في الثاني أو الثالث من يوليو 2022)، وأن المادة كان مصدرها أحد السفن المتوقفة في الميناء.

شهود عيان يوثقون الكارثة

وذكر تقرير حماية البيئة ذاته بأن حالة التلوث، تعد مشهد متكرر لحالة البيئة البحرية الحرجة في خليج التواهي، نظرا لوجود العديد من السفن المتهالكة المتوقفة والغارقة من سنوات، ومنها ناقلات النفط، خاصة وان خليج التواهي (منطقة ميناء عدن) يعد منطقة غنية بالكائنات البحرية المتنوعة من الأسماك واللافقاريات من القشريات والرخويات وغيرها، مما يهدد التنوع الحيوي البحري في هذه المنطقة، ويهدد مصادر رزق الكثير من صيادي المناطق المجاورة للميناء من خلال صيد الأسماك كغذاء، وتأمين الحياة المعيشية لعدد كبير منهم.

على امتداد الخط الساحلي لمدينة البريقة غرب العاصمة عدن تظهر للعامة آثار التسرب النفطي ابتداء من شواطئ منطقة الحسوة وحتى كود البريقة وما بعد الجسر، يوثق ذلك مرتادي الساحل وصيادي منطقة الحسوة وعدن الصغرى ذاتها.

بدوره يؤكد الصياد المعروف في عدن أحمد بن عامر مشاهدته للتسرّبات النفطية في سواحل عدن الذي بدأ في الثاني من يوليو ولازالت الانسكابات تشاهد حتى اليوم، مشيرًا بأن تسريب النفط أو الزيت يضر بالأحياء البحرية بشكل كبير، ويمنع تزويد البحر من الأكسجين، وأن الأضرار في البيئية البحرية تمتد حسب كمية النفط المتسرب وتيارات البحر.

حملة إعلامية تكشف المستور

 في 22 يوليو الجاري أكد تقرير رسمي صادر عن الهيئة العامة للشؤون البحرية بالعاصمة عدن، حقيقة التسرب النفطي قُبالة سواحل البريقة، إذ نفَّذ فريق من الهيئة في اليوم نفسه نزول ميداني للتحقق مما نشره معده التحقيق والمتعاونين مع عبر برامج التواصل الاجتماعي، ضمن حملة إعلامية أطلقت تحت وسم #تسرب_نفطي_يهدد_عدن.

وحسب التقرير ذاته فقد رصد الفريق تسرب من الباخرة أثينا PEARL OF ATHENA. التابعة لشركة عبر البحار المملوكة للتاجر أحمد العيسي، مشيرًا أنه رصد رائحة نفاذة لمادة بترولية، وبعدها تم رصد تلوث بالزيت يتسرب من الناقلة أثينا، موثقا تقريره بالصور للتلوث في البحر، وأن المنطقة الساحلية القريبة من حادثة التلوث تمتاز بتربية الجمبري.

من هي الناقلة أثينا؟

لؤلؤة أثينا" (PEARL OF ATHENA) بحسب الصحفي المتخصص في تتبع السفن فاروق مقبل الكمالي هي ناقلة منتجات كيميائية (نفط) بنيت عام 1982، توقفت في منطقة رمي المخطاف" بميناء عدن في 23 أغسطس 2015، وفقا لإحصائية المركز الإقليمي البحري لتبادل المعلومات، وتحمل الرقمimo: 8000111، وترفع علم مالطا.

يضيف: حصلت هذه الناقلة على آخر تصنيف في العام 2005، وفقًا لقاعدة المعلومات المفتوحة (إيكواسيس) مسجلة تحت ملكية "الخليج العربي للشحن والتجارة" (ARAB GULF SHIPPING & TRADING) وهي إحدى شركات مجموعة العيسي، ومسجلة في سنغافورة وأوكرانيا واليونان ومصر، حيث تظهر بيانات موقع تتبع السفن أن السفينة كانت في العام 2011، مسجلة بملكية "بنك التسليف التعاوني"، وعنوانه صنعاء حدة.

خبراء أجانب.. الكارثة تتمدد

وكان المتخصص في صحافة المصادر المفتوحة وين زويننبرج، رئيس مشروع نزع السلاح الإنساني لمنظمة السلام الهولندية PAX، قد كشف بالأمس وعبر سلسلة تغريدات نشرها عبر حسابه الشخصي في تويتر عن تسرب نفطي قُبالة ميناء عدن جنوبي اليمن، مدعمًا تطرق له بصور عبر الأقمار الصناعية، التقطتها محطات تصوير الفضاء الأوروبي.

وقال رئيس مشروع نزع السلاح الإنساني في (European Space Imaging)، في سلسلة تغريدات على تويتر "إن ميناء عدن في جنوب اليمن يواجه مصادر متعددة للتلوث النفطي، بدءًا من 5 يوليو مع تسرب نفطي بسمك 14 كيلومترًا مرئيًا، على الأرجح من سفينة واحدة". مضيفًا أن الانسكابات لاتزال مُشاهدة حتى الخميس 21 يوليو 2022م، وأن المزيد من الانسكابات التي شوهدت هنا من مختلف السفن، بين 5 يوليو و21 يوليو، ستضع عبئًا بيئيًا إضافيًا على النظم البيئية البحرية المحلية المتضررة بالفعل.

كوارث بيئية وبحرية كبيرة

ثمة كارثة بيئية وبحرية كبيرة تنتظرها عدن لا تقل خطرًا عن ناقلة النفط صافر. ولا تقتصر الأضرار جراء التسرب النفطي من الباخرة أثينا على البيئة فقط بل تشمل التنوع الحيوي البحري في المنطقة الغنية بالكائنات البحرية المتنوعة من الأسماك واللافقاريات من القشريات والرخويات، وقد تصل الآثار إلى الجانب الصحي والمجال الاقتصادي وخدمات المياه ونفوق الأسماك وتضرر الصيادين وغير ذلك.

"يعتبر التلوث بالنفط من أخطر المشكلات البيئية في البحار وينتج عنه تداعيات بيئية واقتصادية واجتماعية" بحسب الاستشاري البيئي الدكتور جمال باوزير أستاذ علوم البيئة في جامعة عدن، مشيرًا بأن بقاء السفن المتهالكة داخل الميناء تعتبر مخالفة للقوانين والاتفاقيات الدولية لما لها من تأثيرات سلبية كبيرة على البيئة والملاحة البحرية، وهذا يسئ لسمعة لميناء عدن.

وقال باوزير إن التسرب النفطي وبقاء ناقلات النفط المتهالكة والسفن الغارقة على وضعيتها ستعمل على تكرار مشهد حوادث التلوث في ميناء عدن مما يؤدي الى تفاقم الضرر بكافة أشكال الحياة البحرية من أسماك ولا فقاريات وزواحف وعلى الشعاب المرجانية والحشائش البحرية  والطيور، كما انه سيضر بصحة الإنسان من خلال تواصله المباشر مع المياه الملوثة أو من خلال تعاطيه للأسماك الملوثة، إضافة إلى تلف معدات الصيادين في المنطقة.

تأثر الأحياء البحرية من التسرب النفطي

 مصدر مسؤول من الصف الأول في قيادة الهيئة العامة لحماية البيئة (فضل عدم ذكر اسمه) أكد في تصريحات خاصة بأن استمرار وجود العديد من السفن المتهالكة والتي حالتها سيئة جدًا في منطقة رمي المخطاف بميناء عدن الدولي إلى يومنا هذا يشكل مصدرًا  من مصادر القلق لتلوث البيئة البحرية وإعاقتها للحركة الملاحية وخصوصًا بأنها متوقفة عن الملاحة منذ قبل حرب 2015م كما أن هذه السفن لم تخضع للصيانة خلال تلك الفترة مما أدى إلى تآكل بدنها والبعض منها قد تعرض للميلان وستكون عرضة للغرق وإحداث تلوث للبيئة البحرية ويصعب انتشالها في حالة استمرار بقائها.

وزاد: ففي نفس الشهر الحالي وبالتحديد 17 يوليو من العام الماضي 2021م غرقت السفينة DIA-1 في منطقة رمي المخطاف مسببةً تلويث للبيئة البحرية لمختلف سواحل منطقة الحسوة والخيسة وبربرية وكود النمر في مديرية البريقة، وفي شهر يوليو من هذا العام أيضًا حدث تسرب نفطي من السفينة (أثينا – PEARL OF ATHENA) مسببة حالة تلوث للعديد من السواحل ناهيك عن الأضرار البيئية الأخرى.

مسؤول الهيئة العامة لحماية البيئة أكد بأن الأضرار الناجمة عن التسرب النفطي تتلخص في تأثر الموائل البيئية والنظم الأيكولوجية والتنوع الحيوي البحري السائدة في المناطق التي حدث فيها التسرب النفطي، وخصوصًا بأن السمك يعتبر مصدر غذاء أساسي لكل المجتمع وحدوث تسربات نفطية تتراكم في أنسجة الأحياء البحرية له تأثير سيئ على صحة الإنسان كما أن هناك العديد من الكائنات البحرية تتأثر مباشرةً بالملوثات النفطية ويؤدي إلى نفوقه.

وأشار بأن شريحة واسعة من المجتمع في المناطق الساحلية هم فئة الصيادين الذين يعتمدون في حياتهم المعيشية على الاصطياد الساحلي هذه التلوثات البحرية تفقد العديد من الصيادين لمصادر رزقهم، كما أن الاستثمارات من الصادرات السمكية ستتأثر أيضًا وتصبح أسماك البلد غير مقبولة وغير قابلة للمنافسة، ناهيك عن تأثر الموائل البيئية مثل الأراضي الرطبة التي تعتبر عدن موقع طبيعي للاستراحة والتغذية  للعديد من الطيور المهاجرة من وإلى أوروبا وآسيا وأفريقيا خلال مختلف فصول السنة وتحديدًا في الشتاء فمثل هذا التلوث قد يؤدي إلى موت العديد من الطيور المهاجرة والمهددة بالانقراض، إضافة إلى تأثر الكائنات بطيئة الحركة مثل الرخويات والقشريات وستتأثر أيضًا مواطن الشعاب المرجانية وغيرة من التنوع الحيوي.

تهرب الشؤون البحرية عن الرد

يقول نائب المدير التنفيذي للهيئة العامة للشؤون البحرية القبطان يسلم أبو عمرو     بأن التلوث الصادر عن الناقلة لا يمتد إلى 14 كيلو مترا كما يتم الترويج له، كما أن الناقل مسببة التلوث لا توجد فيها أي مشتقات نفطية في خزانات الوقود، ماعدا كمية بسيطة من الزيوت في غرفة المحركات وهي عبارة عن زيوت التشغيل اليومية مخلوطة بمياه و هذا معروف يكون متبقي بأي سفينة. (لكنه للأسف لم يذكر بوضوح الناقلة المتسرب منها النفط ماذا تحمل بداخلها من مواد).

 وتهرب القبطان من الرد بوضوح عن أسئلة معد التحقيق وهي:  - هل مازال التسرب النفطي قائم حتى اللحظة؟ ومنذ متى بدأ انتشاره بسواحل عدن؟ وما مدى امتداده؟ وهل المواد المتسربة بترول أو ديزل أو مازوت؟ وكم هي سعة حمولة السفينة أثينا من الوقود وما نوعه؟!

وذكر في معرض رده بأنه في يوم السبت الموافق 23/7/2020م تم تكليف فريق فني للنزول إلى موقع السفينة PEARL OF AHENA في منطقة المخطاف وتم وجود حولها مساحات عديدة متوسطة وصغيرة من التلوث النفطي "خليط زيتي" بألوانه المتعددة "أسود قوس قزح وفضي" ولم يذكر كم الكمية المتسربة ولا مساحة امتدادها.

ولفت بأن وضع الهيئة العامة للشئون البحرية بدأ بالتعافي بعد تضررها الكبير أثناء الاجتياح الحوثي للعاصمة عدن حيث تعرضت للكثير من الأضرار، كما أنها تأثرت أيضًا بتوقف تصدير النفط والغاز في بعض موانئ الجمهورية النفطية، وحاليًا بدأ التعافي المبدئي والاستقرار المالي والإداري وسيكون لذلك أثر كبير على قيام الهيئة بالعديد من مهامها ومن ذلك مكافحة التلوث البحري، حيث تم الاتفاق مؤخرًا على عملية صيانة لزوارق الهيئة الخاصة بمكافحة التلوث البحري وإن شاء الله يتم إنجاز الصيانة وبعد ذلك سيتم تزويد تلك الزوارق بالمعدات والأدوات الخاصة بمكافحة التلوث بحسب إمكانيات الهيئة.

وكشف نائب مدير الهيئة العامة للشؤون البحرية من أن الهيئة وبالتنسيق والتعاون مع مؤسسة موانئ خليج عدن اليمنية وبإشراف وتوجيهات معالي وزير النقل وبالتنسيق مع القضاء تعمل على إيجاد آلية لإخراج السفن القديمة والمتهالكة من ميناء عدن بحيث لا تتسبب تلك السفن في حوادث بحرية من جنوح أو غرق للسفن وغيرها أو حوادث تلويث للبيئة البحرية، والعمل جاد في ذلك.

الحل هو تطبيق القانون

ومن ناحية القوانين واللوائح القانونية النافذة والتي تساعد الهيئة في القيام بمهامها وأهدافها وبطريقة قانونية يؤكد القبطان بأن هناك قوانين وتشريعات بحرية وطنية ودولية تعطي الهيئة صلاحيات كبيرة لفرض سيادة الدولة في موانئها ومياهها الإقليمية، وهناك قصور في بعض القوانين وتحتاج لإضافات وتعديلات ونحن حاليًا بعد استلامنا لقيادة الهيئة قبل أشهر نعمل في هذا الجانب ونعطيه اهتمامنا من خلال تعزيز التنسيق والتواصل مع النيابات والمحاكم المختصة، وإعادة ترتيب وتنظيم الإدارة العامة للشؤون القانونية بالهيئة التي يقع على عاتقها مهام كثيرة وهي تبذل جهودًا كبيرة في ذلك.

وأشار أن الجانب الإداري والفني للهيئة ركن أساسي في قيام الهيئة بمهامها ونحن نعمل أيضًا في هذا الجانب على محاولة إرجاع كوادر الهيئة للقيام بمهامها خاصة منها الكوادر الفنية من قباطنة ومهندسين بحريين وبيئيين وغيرهم، والعمل في هذا الجانب أيضًا يسير بخطى متسارعة، وفي حالة نقص الكوادر فسيتم تعزيز الهيئة بكوادر جديدة تقوم بالعمل وتنجز المهام.

وأوضح أن أهمية البيئة البحرية كبيرة جدًا والعالم اليوم يتجه للمحافظة عليها وإيلاءها اهتمامها والهيئة هي الجهة الحكومية اليمنية المختصة بالبيئة البحرية في الموانئ والمياه اليمنية، وحوادث التلوث التي تحصل تتسبب في حصول أضرار بيئية ويجب مكافحتها والحفاظ على البيئة البحرية، ونحن كما أسلفت حاليًا في مرحلة إعادة تأهيل الزوارق المختصة بمكافحة التلوث البحري وأما الفرق العاملة فهي موجودة وعلى استعداد للعمل.

وزاد: سنبدأ في إجراءات استيراد مواد لمكافحة التلوث البحري وهذا من صميم أعمالنا ونوليه اهتمامنا ونتمنى أن ننجزه في وقت قريب، وطبعًا جزء من هذه الأعمال ستكون من إيرادات الهيئة وإن كانت مازالت إيراداتنا غير كافية لتغطية ذلك وجزء آخر سيتم رفعه لوزارة النقل ومجلس الوزراء الذين يولون الهيئة اهتمامهم وسيكون لهم دور بارز في إعادة تأهيل الهيئة من جديدة، ونحن حاليًا نعمل بالإمكانات الموجودة إلى حين استكمال أعمال التأهيل.

وتهرب القبطان من الحديث عن الآثار والإضرار المترتبة من التسرب النفطي بسواحل عدن؟! وكذا مخاطر بقاء السفن الـ 12 المتهالكة والمهددة بالغرق؟ لماذا الهيئة تسمح بذلك؟ ما هي أسماء وبيانات تلك السفن؟ وهل العيسي فعلًا متحكم بسلطات الهيئة العامة للشؤون البحرية؟ كم طن متري تحمله كل سفينة من السفن 12 المتهالكة التي تستخدم كخزانات عائمة؟ ما نوع تلك المواد؟ ومن يتولى إدارتها؟ ما هو تقييم الهيئة العامة للشؤون البحرية لكل سفينة من  السفن الـ 12 الواقفة بمنطقة المخطاف والمهددة بالغرق؟ هل تكرر تلك السفن المتهالكة كارثة النفط صافر في عدن؟

والهيئة العامة للشؤون البحرية هيئة حكومية سيادية دورها تحقيق السيادة البحرية لليمن بالتنسيق مع المؤسسات والهيئات الحكومية الأخرى فيما يخص متطلبات السلامة البحرية على السفن الأجنبية والسفن التي ترفع العلم اليمني وتطبيق التشريعات البحرية الوطنية والدولية وحماية البيئة البحرية من التلوث وغيرها من المهام والأهداف المهمة.

كيف يمكن تلافي الكارثة البيئية؟

"لتلافي مشكلة التلوث بالنفط المتكررة من الناقلات المتهالكة والسفن الغارقة في ميناء عدن هو إفراغها من حمولاتها من الزيت ومن غرق المكائن وقطرها بعيدا عن الغاطس، مع ضرورة التنسيق والتكامل مع الجهات ذات العلاقة وتفعيل دور خفر السواحل لاحقا وأهمية الإبلاغ عن الحوادث في وقتها" يشير الاستشاري البيئي الدكتور جمال باوزير.

وفي معرض رده عن سؤال كيف يمكن التصدي لكارثة التسرب النفطي يجيب المصدر المسؤول في الهيئة العامة لحماية البيئة بأن الوضع الحالي للتصدي لمثل هذه الكوارث يتطلب أولًا إزالة الخطر نهائيًا والمتمثل بوضع الحلول الدائمة لمنع تلوث البيئة البحرية من السفن المتهالكة الواقعة في مخطاف ميناء عدن الدولي والذي يتمثل في الإسراع بتفريغ المواد النفطية المخزونة داخل صهاريج ومحركات السفن المتهالكة وتفكيكها. ومنع دخول السفن وناقلات النفط المتهالكة الى حدود المياه الإقليمية للبحار اليمنية.

وأضاف المسؤول في الهيئة العامة لحماية البيئة بأن حل مشكلة التلوث الحالية الناجمة عن التسرب النفطي من السفينة (أثينا) من مهام الهيئة العامة للشؤون البحرية باعتبارها جهة الاختصاص المعنية في حماية البيئة البحرية من التلوث ويجب عليها بذل أقصى جهود ممكنة للوقف الفوري للتسرب النفطي وعمل الحلول والمعالجات العاجلة لاحتواء التلوث الذي يهدد عدن بكوارث بيئية وبحرية عديدة.

 التسرب النفطي مخطط يتكرر

 تكرار مشهد التسرب النفطي في سواحل عدن يشير إلى مخطط مدروس يستهدف بيئة عدن البحرية ومينائها الدولي، وهذا ما يؤكده توصل معد التحقيق وفريقه المعاون من اليمن وأوروبا في تتبع السفن الـ 12 المتهالكة، دون المعايير والمهددة بالغرق في سواحل عدن إلى وجود التسرب من أكثر من سفينة، واكتشاف تسرب نفطي جديد وغرق سفينة ثانية وغمر المياه لسفينة ثالثة.

ليس هذا فحسب بل أن هناك 3 ناقلات نفط (من ضمن الـ 12 المتهالكة) تم محو كافة بياناتها وتفاصيلها من مواقع تتبع السفن وكان الزميل فاروق مقبل قد وثق معلوماتها في تقرير صحفي نشر في سبتمبر 2021، حيث تستمر الكارثة بعد أن تحول ميناء عدن إلى مكب لناقلات الوقود المتهالكة والخارجة عن الخدمة.

يقصد بـ (سفينة دون المعايير) بحسب خبراء القانون والتشريعات الوطنية والدولية، بأنها سفينة  ذات بدن أو الآت أو معدات أو سلامة تشغيلية هي بشكل ملحوظ دون المعايير التي  تتطلبها الاتفاقيات ذات الصلة بالموضوع أو التي لا يتطابق طاقمها مع مضمون وثيقه لتنظيم الأمن، وتصنف السفن دون المعايير وفقًا لـ انعدام المعدات أو الترتيبات الرئيسية التي تتطلبها الاتفاقيات، عدم استيفاء المعدات أو الترتيبات المواصفات ذات الصلة بالموضوع التي تنص عليها هذه الاتفاقيات، إلى جانب التدهور الملحوظ في حالة السفينة أو معداتها بسبب رداءة الصيانة على سبيل المثال، وكذا انعدام الأهلية المطلوبة لدى أفراد الطاقم لتشغيل السفينة أو عدم اطلاعهم على الإجراءات التشغيلية الأساسية، بالإضافة إلى نقص عدد أفراد الطاقم أو عدم  كفاية الشهادات التي يحصلونها.

 سفينة غارقة دون انتشال حطامها

يذكر بأنه في يوليو من عام 2021، غرقت ناقلة النفط الصدئة DIA-1 وتسببت في حدوث انسكاب هائل للديزل داخل وحول ميناء عدن، مما أدى إلى انجراف الشواطئ وتهديد المحميات الطبيعية، ولازال حتى اللحظة حطام السفينة Dia1غارقه في منطقة رمي المخطاف، ولم يتم انتشالها بعد كما توجد في المنطقة ذاتها العديد من السفن المتهالكة أحادية البدن والتي يشكل وجودها خطر بيئي ومهدد لسلامة الملاحة البحرية.

في التحقيق القادم سنكشف المستور عن حالة السفن الـ 12 المتهالكة دون المعايير والمهددة بالغرق في سواحل عدن، والتي تستخدم كخزانات عائمة للوقود، والآثار والإضرار المترتبة فيها وما يشكله بقائها من تهديدًا خطيرًا على السواحل والأحياء البحرية والبيئة والإنسان والمدينة ككل، كما سنتطرق في التحقيق الثالث إلى الحلول والمعالجات العاجلة لاحتواء التلوث البيئي  بطريقة قانونية.

*بسام القاضي صحفي علمي
متخصص في تغطية قضايا المناخ والبيئة في اليمن
* أنتج هذا التحقيق بدعم وإشراف من مؤسسة الصحافة الإنسانية