12 سفينة متهالكة تهدد عدن بكوارث بيئية وبحرية كبيرة

2022-08-02

تحقيق /hjf/ بسام القاضي

كشفت لـ "مؤسسة الصحافة الإنسانية" (Hjf) مصادر خاصة في الهيئة العامة للشؤون البحرية (طلبت عدم ذكرها)  بأن جميع السفن الـ 12 المتهالكة والمهددة بالغرق في سواحل عدن، جميعها منتهية الصلاحية، وغير مسجلة، وليس لها علم، ولا تملك تصاريح للعمل وهي متوقفة عن الملاحة البحرية منذ ما قبل حرب مارس 2015.

ووفقًا للهيئة العامة للشؤون البحرية تشكل اليوم السفينة "كورال" كارثة حقيقة تقضي على البيئة والأحياء البحرية في مدينة عدن، وهي ناقلة متهالكة بداخلها كمية 90 طن متري من المازوت، وهي واحدة من السفن الـ 12 المتهالكة والغارقة  قبالة ميناء عدن منذ سنوات طوال.

 وثائق وتقارير فحوصات لبعض السفن الـ 12 المتهالكة صدرت قبل عام 2014، تؤكد بأن معظم تلك السفن منتهية الصلاحية ودون المعايير وتعتبر قانونًا سفن لا تصلح للإبحار نهائيًا وتستخدم منذ سنوات بعد الحرب كخزانات عائمة للوقود وبقائها يشكل تهديدًا خطيرًا على السواحل والأحياء البحرية والسكان المحليين والبيئة والمدينة بشكل عام هذا ما توكده  الهيئة العامة للشؤون البحرية والهيئة العامة لحماية البيئة .

 

بقائها يهدد عدن

تحصل معد التحقيق على كشف رسمي من المركز الإقليمي البحري لتبادل المعلومات بوزارة النقل في عدن بأسماء السفن النفطية الـ 12 المتهالكة والمتوقفة منذ سنوات في منطقة رسو السفن التابعة لشركة عبر البحار لمالكها العيسي بمنطقة المخطاف بميناء عدن الدولي، يوضح  تواريخ آخر ابحار لها .

ووفقًا لتقرير  تقييم السفن المتهالكة الصادر في فبراير 2022 عن الهيئة العامة لحماية البيئة (تحصلنا على نسخة منه بطريقة سرية) فإن استمرار وجود العديد من السفن المتهالكة والتي حالتها سيئة جدًا في منطقة رمي المخطاف بميناء عدن الدولي إلى يومنا هذا، يشكل  مصدر قلق  لتلوث  البيئة البحرية وإعاقتها للحركة الملاحية، خصوصًا بأنها متوقفة عن الملاحة منذ ما قبل حرب مارس 2015.

يؤكد التقرير ذاته "أن هذه السفن لم تخضع للصيانة خلال تلك الفترة مما أدى إلى تآكل بدنها والبعض منها قد تعرض للميلان وستكون عرضة للغرق وإحداث تلوث للبيئة البحرية ويصعب انتشالها في حالة استمرار بقائها".

سفن أحادية البدن ودون المعايير

(سفينة دون المعايير) يقصد بأنها سفينة  ذات بدن أو الآت او معدات أو سلامة تشغيلية هي بشكل ملحوظ دون المعايير التي  تتطلبها الاتفاقيات ذات الصلة بالموضوع او التي لا يتطابق طاقمها مع مضمون وثيقه لتنظيم الآمن، وتصنف السفن دون المعايير وفقاً لـ انعدام المعدات او الترتيبات الرئيسة التي تتطلبها الاتفاقيات، عدم استيفاء المعدات أو الترتيبات المواصفات ذات الصلة بالموضوع التي تنص عليها هذه الاتفاقيات، إلى جانب التدهور الملحوظ في حاله السفينة أو معداتها بسبب رداءة الصيانة على سبيل المثال، وكذا انعدام الأهلية المطلوبة لدى أفراد الطاقم لتشغيل السفينة أو عدم اطلاعهم على الاجراءات التشغيلية الأساسية، بالإضافة إلى نقص عدد أفراد الطاقم أو عدم  كفاية الشهادات التي يحصلونها.

"غرقت السفينة DIA-1 في منطقه رمي المخطاف  في  17 يوليو من عامنا 2021 مسببة  تلوث للبيئة البحرية وكان سبب غرقها توقفها لعده سنوات عن العمل وتهالك بدنها وعدم القيام بأي صيانة دورية خلال فتره توقفها مما أدى إلى حدوث ثقوب في بدن السفينة وتدفق مياه البحر عبر هذه الثقوب إلى خزاناتها وغرف المحركات فنتج عن ذلك تسرب المواد النفطية والمخلفات الأخرى الموجودة بداخلها إلى البحر وترتب جزء من التلوث في قاع البحر والجزء الآخر انتقل إلى سواحل منطقة الحسوة والخيسة وبربرية وكود النمر في مديريه البريقة" ووفقًا لتقرير الهيئة العامة لحماية البيئة.

يؤكد تقرير حماية البيئة ذاته: "لا زالت إلى يومنا حطام السفينة DIA غارقه في نفس المكان، ولم يتم انتشالها بعد  كما توجد في منطقه رمي المخطاف بميناء عدن الدولي العديد من السفن المتهالكة أحادية البدن والتي يشكل وجودها خطرًا بيئيًا ومهددًا لسلامة الملاحة البحرية".

 

توصيات بتعويم السفن المتهالكة

في تقرير أعد في فبراير من العام الجاري، أوصت الهيئة العامة لحماية البيئة الجهات الحكومية العليا بضرورة الإسراع بتفريغ المواد النفطية المخزونة داخل صهاريج ومحركات السفن الـ 12 المتهالكة في منطقة رمي المخطاف بميناء عدن الدولي، وإلى الإسراع في تعويم السفن المتهالكة وإخراجها إلى خارج محيط ميناء عدن الدولي وتفكيكها.

كما أوصت الهيئة بضرورة توقيع الجمهورية اليمنية على اتفاقية ماربور والخاصة بمنع التلوث من السفن والتي بتوقيعها نضمن التزام السفن وناقلات السفن بمعايير أعلى للسلامة والالتزام بعدم تلويث البيئة البحرية وخصوصًا في الوقت الراهن كثير من السفن والناقلات البحرية ترمي بمخلفاتها في المياه الإقليمية وقبالة السواحل اليمنية دون حسيب أو رقيب،  ومنع دخول السفن وناقلات النفط المتهالكة إلى حدود المياه الإقليمية للبحار اليمنية، ومطالبة بتوفير المعدات والادوات اللازمة لدى الهيئة العامة للشئون البحرية والهيئة العامة لحماية البيئة.

السفن المتهالكة تتبع من؟!

 "في الواقع ما يجري  في ميناء عدن منذ العام 2015 يجعلنا نجزم بأن الميناء تحول إلى مكب لمخلفات نفطية خطيرة  تهدد كل مناحي الحياة  في المدينة  سواء البرية أو البحرية أو البشرية 12 ناقلة نفط  تم تجنيبها هنا تباعا بعد انتهاء عمرها الافتراضي  وبعد سنوات من خروجها عن الجاهزية وتوقف المنظمات الدولية المعنية عن إعطاء التصاريح والتصنيفات لهذه الناقلات بالإبحار" يقول الزميل فاروق مقبل الكمالي صحفي بيانات ومدقق معلومات.

يضيف :"في2021 غرقت أحد هذه السفن (ديا1) مسببة تلوث نفطي كان مؤشرا قويا لما يمكن أن يحدث مستقبلًا، وهو ما أثار اهتمامي  لأقوم بواسطة  الأدوات مفتوحة المصدر بتتبع 12  ناقلة نفط  لاكتشف أن هذه الناقلات كنت  منتهية حين تسابقت بنوك وتجار يمنيين لشرائها وتشغيلها عن طريق شركات يملكها رجل الأعمال اليمني احمد العيسي".

وزاد: "لا يوجد ما يدل بأنه كانت إجارة منتهية بالتمليك  لأن أسماء المالك لهذه السفن ظل ثابتا حتى توقفها بينما شغل العيسي مديرا تجاريا لها يشغلها عبر شركاته متعددة الأسماء، ففي العام الماضي وثقت معلومات هذه السفن  لكن حاليًا  أنا أراجع بعض تلك المعلومات وجدت أن بعض المعلومات السابقة قد حذفت من  الأدوات مفتوحة المصدر".

 

  «نفط اليمن 6»

توقفت الناقلة النفطية «نفط اليمن 6» في منطقة رمي المخطاف بميناء عدن في 29  مارس 2013م وفقًا لإحصائية المركز الإقليمي البحري لتبادل المعلومات أي قبل  ثمان سنوات وخمسة أشهر  تحمل الرقم  imo:7941150  وترفع العلم الروماني، وفقدت تصنيفها منذ العام 2004  ولم تُعطَ أي تصريح بالإبحار ولكنها في العام 2011  انتقلت ملكية السفينة إلى شركة أسيا العالمية إحدى شركات التاجر أحمد صالح العيسي وأدارتها شركة عبر البحار المملوكة للعيسي أيضًا ورفعت علم سيراليون ولاحقا عادت لترفع العلم الروماني.

 

 «نفط اليمن 1»

 توقفت ناقلة "نفط اليمن 1" في منطقة رمي المخطاف بميناء عدن في 10 أكتوبر 2015م وفقًا لإحصائية المركز الإقليمي البحري لتبادل المعلومات، بعد 10 سنين تمام من إيقاف تصنيفها وتصريحها في 1 سبتمبر 2005 م.

بنيت في العام 1976 وتحمل الرقم imo : 7508269 وترفع علم السويد. في مايو  2011 اشتراها بنك سبأ الإسلامي  وفقاً لـ(إيكواسيس) وقام بتشغيلها شركة عبر البحار للشحن .

 «لؤلؤة أثينا»

ناقلة منتجات كيميائية (نفط) بنيت عام 1982 م  حصلت على أخر تصنيف في العام 2005 م  تظهر بيانات موقع تتبع السفن أن السفينة كانت في العام 2011 مسجلة بملكية بنك التسليف التعاوني  وعنوانه صنعاء حدة. توقفت في منطقة المخطاف بميناء عدن  23 أغسطس 2015م وفق لإحصائية المركز الإقليمي البحري لتبادل المعلومات، وتحمل الرقم imo : 8000111 وترفع علم مالطا.

 وفقًا لقاعدة المعلومات المفتوحة (إيكواسيس) مسجلة تحت ملكية الخليج العربي للشحن والتجارة(ARAB GULF SHIPPING & TRADING ) وهي إحدى شركات مجموعة العيسي  ومسجلة في سنغافورة وأوكرانيا واليونان ومصر، وتظهر نتائج فحوصات السفن 2012 بأن عمر الناقلة منتهي الصلاحية.

  «أميرة البحر2»

بنيت ناقلة النفط «أميرة البحر2» في العام 1977م ، آخر تصنيف للشركة  كان في العام 2007 م اشتراها بنك التسليف التعاوني في 2009 واستمرت حتى 2011 بملكية البنك وإدارة شركة عبر البحار التابعة لمجموعة العيسي  وتوقفت في منطقة رمي المخطاف بميناء عدن في 29 مايو 2015م ، ترفع العلم الياباني وتحمل الرقم  imo:7718814.

  «سيشم فينول الأول»

ناقلة منتجات كيماوية / نفطية  بنيت في العام 1985، سحب تصنيفها في مايو 2010م  ، وفي نفس العام صارت بملكية  شركة البحر الأسود للشحن والتجارة وتديرها شركة عبر البحار  كلاهما تتبع العيسي توقفت في منطقة رمي المخطاف بميناء عدن في يونيو 2017م   وفقا لقاعدة البيانات المفتوحة للسفن   تحمل الرقم imo: 8510489   أخر علم رفعته  مالطا .

 «الهلال»

 تصف قاعدة البيانات المفتوحة للسفن «إيكواسيس» الناقلة بأنها ناقلة غاز البترول  بنيت في 1967 م . سجلت الناقلة منذ العام 2003 باسم عبر البحار للشحن والتفريغ التابعة لمجموعة العيسي ، توقفت الناقلة التي تحمل الرقم  imo: 6720975  في منطقة المخطاف بميناء عدن في 23 يونيو 2017 وفقا لمعلومات المركز الإقليمي البحري لتبادل المعلومات  وحسب معلومات «إيكواسيس» وترفع علم سيراليون آخر تصنيف لها في العام 2011.

  «إسطنبول 1»

توقفت ناقلة النفط إسطنبول 1   imo: 8417936 في منطقة رمي المخطاف بميناء عدن في أكتوبر 2015  أي بعد 36 سنة من الخدمة.

  مرجان : كورال

السفينة (كورال - مرجان) هي ناقلة متهالكة بداخلها كمية (90 طن متري من المازوت) وهي واحدة من السفن الـ 12 المتهالكة والمهددة بالغرق في سواحل عدن، بنيت عام 1990 وتوقفت  في 27 مارس 2015م في منطقة رمي المخطاف بميناء عدن، وفقاً لإحصائية المركز الإقليمي البحري لتبادل المعلومات بوزارة النقل - عدن.

تحمل السفينة (كورال) بحسب تقرير سابق للزميل فاروق مقبل الرقم   (imo: 8918447)، وترفع علم سيراليون، وأخر تصنيف تأمين حصلت عليه الشركة  كان في يناير 2015م، هي سفينة متهالكة منتهية الصلاحية و(دون المعايير) ولا تمتلك تصريح للعمل، وتعتبر قانونًا سفن لا تصلح للإبحار نهائيًا وتستخدم كخزانات عائمة منذ 7 أعوام.

معلومات مثيرة للاهتمام

يشير فاروق بأن المعلومات المثيرة للإهتمام في قصة الناقلة CORAL   أو مرجان  إنه و3 ناقلات أخرى مملوكة لنفس الشركة الإماراتية بحسب المعلومات هن : DOKKEN-1 و SIMPHONY و SHATT AL ARAB-1  وجميعها متوقفات في منطقة رمي المخطاف في ميناء عدن على التوالي  13 يناير 2016 و19 يونيو 2016 و18 ديسمبر 2018م  وفقا لإحصائية المركز الإقليمي البحري لتبادل المعلومات التابع لوزارة النقل اليمنية.

(السفن الثلاث "دوكين١، سيمفوني، شط العرب١" قيدت في كشف تقرير الحركة الملاحية في أرصفة ميناء عدن بمنتصف العام الماضي كسفن منتظرة في الغاطس للتعليمات، وتتبع شركة عبر البحار، وفقًا للمركز الإقليمي البحري لتبادل المعلومات) بينما تظهر بيانات ملاحية  مزورة، بحسب فاروق مقبل تتواجد الناقلات في موانئ اسيوية وافريقية  وخليجية من خلال التلاعب بإشارة جهاز الاتصال الخاص بتلك الناقلات.

عمرها الافتراضي قد انتهى

تشير الوثائق وتقارير فحوصات الهيئة العامة للشؤون البحرية لأغلبية السفن الـ 12 المتهالكة والمهددة بالغرق في سواحل عدن والصادرة بعضها في العام 2012/2013 بأن جميع السفن تعد منتهية الصلاحية وتعتبر قانونًا سفن لا تصلح للإبحار نهائيًا،  وشارف عمرها الافتراضي على الانتهاء  في العام  2012،  وتم إدراجها ضمن (السفن دون المعايير)، لما تشكله من خطورة بالغة على الأمن البحري والسلامة البحرية وحماية للبيئة البحرية من التلوث.

الوثائق ذاتها الصادرة عن الجهات المختصة بفحص السفن لدى الهيئة العامة للشئون البحرية أوصت في حينه (قبل عشرة أعوام) بشدة بإيقاف تلك السفن المتهالكة عن العمل لحين تغيير بياناتها في أجهزة (EPIRB) والامتثال كليًا  لمتطلبات القوانين والتشريعات الوطنية، والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة).

"احد العوامل المشتركة في كافة السفن المملوكة لمجموعة العيسي المتوقفة في منطقة رمي المخطاف في ميناء عدن  هو العمر الكبير لهذه السفن  وفقدانها للتأمين والتصنيف منذ سنوات طويلة" يؤكد الصحفي فاروق مقبل.

بلاغ إلى النائب العام

تؤكد تقارير الجهات المختصة ممثلةً في الهيئة العامة للشؤون البحرية والهيئة العامة لحماية البيئة على ضرورة التخلص من تلك السفن الـ 12 المتهالكة والمهددة بالغرق في سواحل عدن، لما تشكله من خطورة بالغة على الأمن البحري والسلامة البحرية، كونها أيضًا تمثل تهديدًا خطيرًا على السواحل والأحياء البحرية والبيئة والإنسان، وأن استمرار بقائها يهدد عدن بكوارث بيئية وبحرية كبيرة، فهل تتحرك الجهة المختصة لاحتواء الكارثة قبل أن تتمدد وتخرج عن السيطرة!!.

نعتبر هذا التحقيق وما سبق وسيتم نشره من تحقيقات أخرى بمثابة بلاغ للنائب العام القاضي قاهر مصطفى، ونطالبه بتشكيل لجنة للتحقيق حول الكارثة والجهات المتسببة بها وكذا الجهات المختصة المتساهلة، كما ندعوا منظمات المجتمع المدني والمحاميين في عدن إلى رفع دعوى قضائية ضد الجهات المختصة بتهمة خيانة المسؤولية والتواطؤ مع التاجر العيسي، وذلك استنادًا إلى المادة (165) من القرار الجمهوري  بالقانون رقم 12 لسنة 1994م بشأن الجرائم والعقوبات.

تنبيه

في التحقيق القادم سنتطرق إلى الآثار والأضرار المترتبة جراء التسرب النفطي وكذا بقاء السفن الـ 12 المتهالكة والمهددة بالغرق في سواحل عدن وإلى الحلول والمعالجات العاجلة لاحتواء التلوث البيئي بطريقة قانونية.

 

*بسام القاضي صحفي علمي .. متخصص في تغطية قضايا المناخ والبيئة

(أنتج هذا التحقيق بدعم وإشراف من مؤسسة الصحافة الإنسانية).