بوابة رامسار: الترسيم القانوني.. خطوة الصفر لحماية أراضي عدن الرطبة دولياً

2025-11-22

بوابة رامسار: الترسيم القانوني.. خطوة الصفر لحماية أراضي عدن الرطبة دولياً
*بسام القاضي
في ظل تصاعد التحذيرات البيئية، تستمر التعديات على الأراضي الرطبة الحيوية الخمس في عدن، والتي تشمل الحسوة، والمملاح، والوادي الكبير، ومحمية البجع، وخور بير أحمد. هذه المواقع ليست مجرد مسطحات مائية، بل هي صمام أمان بيئي، وواحة عالمية للطيور المهاجرة، ومستودعات للتنوع البيولوجي الساحلي. يجمع الخبراء على أن إنقاذ هذه الثروة مرهون بتحويل قيمتها البيولوجية المحلية إلى اعتراف قانوني دولي عبر اتفاقية رامسار، وهو تحول يبدأ بخطوة واحدة حاسمة: إصدار القرار القانوني النهائي لترسيم حدودها.
ما هي اتفاقية رامسار؟
تُعرف اتفاقية رامسار (Ramsar Convention) بأنها معاهدة دولية حكومية تُعنى بحماية الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية، وتُعتبر أقدم اتفاقية بيئية عالمية متعددة الأطراف. سُميت بذلك نسبة إلى مدينة رامسار الإيرانية حيث تم التوقيع عليها عام 1971. الهدف الأساسي للاتفاقية هو الحفاظ على الأراضي الرطبة واستخدامها الحكيم، والاعتراف بأن هذه النظم البيئية ضرورية للحياة على كوكب الأرض.
يُعد انضمام اليمن إلى الاتفاقية وإدراج الأراضي الرطبة في عدن ضمن قائمة رامسار خطوة ذات أهمية قصوى لعدة أسباب؛ فهي تمنح الموقع اعترافاً دولياً وحماية قانونية، مما يرفع من مستوى حمايته ويجعله تحت المراقبة العالمية. كما يفتح باب الحصول على الدعم الفني والتمويل من الصندوق العالمي للأراضي الرطبة والشركاء الدوليين، ويُمكن الدولة من تبادل الخبرات مع أكثر من 170 دولة طرف في الاتفاقية. هذا الانضمام يضمن الموارد اللازمة لحمايتها للأجيال القادمة، وينقل التعامل معها من مجرد تحدٍ بيئي محلي إلى إطار مسؤولية دولية.
معايير الأهلية الدولية
تُعد الأهلية للدخول في قائمة رامسار مرهونة بتلبية الموقع لواحد على الأقل من المعايير التسعة للأهمية الدولية، والتي تلخص قيمته العالمية في ثلاث ركائز: الندرة البيئية، وحماية الأنواع المهددة ودعم التنوع البيولوجي، واستيفاء المعايير الكمية لأعداد الطيور المائية والأسماك والحيوانات الأخرى.
وهذه هي المعايير التسعة:
المعيار 1 (التمثيل البيئي): نموذج فريد أو نادر لنوع من الأراضي الرطبة في المنطقة البيوجغرافية.
المعيار 2 (الأنواع المهددة): يدعم أنواعاً مُعرَّضة للخطر أو مهددة بالانقراض.
المعيار 3 (التنوع الإقليمي): يسهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي في المنطقة.
المعيار 4 (الملجأ الحرج): يوفر ملجأ أو دعماً للأنواع في مراحل حياتها الحرجة.
المعيار 5 (الطيور – العدد): يدعم بانتظام 20,000 طائر مائي أو أكثر.
المعيار 6 (الطيور – النسبة): يدعم بانتظام 1% من مجموعة سكانية من الطيور المائية.
المعيار 7 (الأسماك الأصيلة): يدعم نسبة كبيرة من الأنواع السمكية الأصيلة.
المعيار 8 (وظائف الأسماك): يعمل كمنطقة تفريخ أو حضانة أو مسار هجرة مهم للأسماك.
المعيار 9 (حيوانات أخرى): يدعم بانتظام 1% من مجموعة سكانية من الحيوانات غير الطائرة المعتمدة على الأراضي الرطبة.
الترسيم: الشرط الإلزامي
تؤكد المعايير البيولوجية أن الأراضي الرطبة الخمس في عدن مؤهلة بقوة للانضمام إلى قائمة رامسار ذات الأهمية الدولية. هذه المواقع هي مستودعات حيوية للتنوع البيولوجي الساحلي، وملاذات حاسمة للأنواع المهددة بالانقراض (مثل غابات القرم)، وتعمل كمحطات توقف لأعداد هائلة من الطيور المهاجرة، إضافة إلى كونها مناطق تفريخ وحضانة ضرورية للأسماك والقشريات.
وبذلك، تستوفي هذه الأراضي ستة معايير عالمية على الأقل. إلا أن هذه القيمة العالمية تبقى مهددة ما لم تتحول الأهلية البيولوجية إلى اعتراف رسمي؛ فالخبراء يؤكدون أن إصدار القرار القانوني النهائي لترسيم حدودها هو "خطوة الصفر" والشرط الإلزامي لفتح باب الحماية بموجب اتفاقية رامسار.
إن الترسيم القانوني الواضح والدقيق لحدود المحميات الخمس ليس معياراً بحد ذاته، بل هو الشرط الإلزامي الذي لا يمكن من دونه تحويل الأهلية البيولوجية إلى اعتراف رسمي. ويشمل ذلك ضمان الحجية القانونية، وتوثيق البيانات الفنية اللازمة لنموذج معلومات رامسار (RIS) بخرائط جغرافية دقيقة، وتحديد منطقة الالتزام التي تلتزم الدولة بحمايتها.
لقد بات إتمام الإطار القانوني لترسيم حدود محميات عدن الرطبة الخمس مطلباً وطنياً عاجلاً وحاسماً. فبمجرد إكمال هذا الترسيم، تُنتشل المحميات من كونها أصولاً بيئية محلية مهددة لتصبح مواقع تحت مظلة المسؤولية الدولية، مما يفتح آفاق الدعم المالي والتقني اللازمين لإدارتها وحمايتها للأجيال القادمة. إن ترسيم حدود محميات عدن الرطبة هو الخطوة الفاصلة بين الخطر الداهم والحماية العالمية التي تستحقها.
      

• بسام القاضي، صحفي علمي

متخصص في تغطية قضايا المناخ والبيئة
رئيس مؤسسة الصحافة الإنسانية (hjf)